كلمة علوم القرآن مركب إضافي، يتضح معناه ببيان معنى جزأيه، وهما "علوم" و "قرآن" . فـ "علوم" جمع علم، و العلم في اللغة : مصدر بمعنى الفهم و المعرفة ، يُقال علمت الشيء أعلمه علماً :عرفته ) كما في لسان العرب . والعلم ضد الجهل .
وأما في الاصطلاح ؛ فقد أختلفت في تعريفه عبارات العلماء باختلاف الإعتبارات .
فعلماء الشريعة يعرفونه بتعريف ، و أهل الكلام يعرفونه بتعريف آخر ، وله عند الفلاسفة و الحكماء تعريف ثالث . وليس شيء من تعريفات هؤلاء بمراد هنا ؛ وإنما المراد : العلم في اصطلاح أهل التدوين ، فهم يطلقونه على مجموعة مسائل وأصول كلية تجمعها جهة واحدة ، كعلم التفسير ، وعلم الفقه ، وعلم الطب .....، وهكذا ، وجمعه :علوم . فعلوم العربية : العلوم المتعلقة باللغة العربية ، كالنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والشعر والخطابة وغيرها . هذا ما يتعلق بلفظ "علوم" .
وأما لفظ " القرآن" فقد اختلفوا فيه ، فقيل : إنه اسم غير مشتق ، وقيل : إنه مشتق ، والقائلون باشتقاقه اختلفوا أيضاً ، فمنهم من قال : إنه مهموز مشتق من "قرأ" ، ومنهم من قال : إنه غير مهموز مشتق من "القَري" ، أو من "قرن" على خلاف بينهم ليس هذا محل تفصيله .
ولعل أرجح الأقوال وأقواها في معنى القرآن في اللغة : أنه مصدر مشتق مهموز من قرأ يقرأ قراءة وقرآناً ، فهو مصدر من قول القائل : قرأت ، كالغفران من "غفر الله لك" ، والكفران من "كفرتك" ، والفرقان من "فرّق الله بين الحق والباطل" . وأما تعريف القرآن في الاصطلاح فهو : كلام الله، المنزل على رسوله النبي محمد بن عبد الله، المتعبد بتلاوت
تعريف علوم القرآن
وأما تعريف " علوم القرآن" كمركب إضافي ، فله معنيان : أحدهما : لغوي يُفهم من هذا التركيب الإضافي بين "علوم" و "القرآن" وهو أنها العلوم والمعارف المتصلة بالقرآن الكريم ، سواء كانت خادمة للقرآن بمسائلها أو أحكامها أو مفرداتها ، أو أن القرآن دل على مسائلها ، أو أرشد إلى أحكامها . فالمعنى اللغوي لعلوم القرآن يشمل كل علم خدم القرآن ، أو أُخذ من القرآن ، كعلم التفسير ، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم"الفقه الإسلامي"، وعلم التوحيد، وعلم الفرائض، وعلم اللغة وغير ذلك .
والثاني : اصطلاحي خاص بعلم مدون؛ ويُعرّف "علوم القرآن" عَلَماً على علم مدون بأنه: علم يضم أبحاثاً كليةً هامةً، تتصل بالقرآن من نواحٍ شتى ، يمكن اعتبار كل منها علماً متميزاً . وهذا التعريف _في نظري _ أجود تعريف لعلوم القرآن من بين التعاريف الأخرى التي ذكرها من عرف هذا العلم . والله الموفق والهادي إلى سواء سبيل .
وقد عرف بعضهم علوم القرآن على أنها :
العلوم التي تخدم القرآن الكريم، من حيث معرفة أول ما نزل منه وآخر ما نزل، ومن حيث معرفة ما نزل منه قبل الهجرة وما نزل منه بعد الهجرة، ومن حيث معرفة أسباب نزول بعض آياته، ومن حيث معرفة جمعه وترتيبه وعدد آياته، وسوره، و محكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه ، وإعجازه ، و أمثاله ، و أقسامه ، و جدله ، و قصصه ، و تفسيره .. إلى غير ذلك من العلوم التي تتعلق بالقرآن الكريم.
مؤلفات
فوائد معرفة علوم القرآن
* تعطينا صورة متكاملة عن القرآن الكريم، من حيث نزوله، وتفسيره، وجمعه، وكتابته، وعندما تكتمل في أذهاننا هذه الصورة تزداد قداسة القرآن الكريم في نفوسنا، وتزداد معرفتنا بهداياته، وبآدابه، وبأحكامه، وبتشريعاته.
* كما أن معرفتنا بعلوم القرآن الكريم تجعلنا نستطيع أن نرد على الشبهات الباطلة التي أثارها الكارهون والجاهلون والحاقدون حول القرآن الكريم، وتجعلنا نعرف ما الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يتعرض لتفسير القرآن الكريم، وفيمن يتعرض للحديث عن أوامره ونواهيه.
* كذلك تجعلنا ندرك مدى الجهد الفائق الذى بذله العلماء لخدمة القرآن الكريم، إذ أن منهم من كتب في تفسيره، ومنهم من كتب في ناسخه ومنسوخه، ومنهم كتب في إعجازه، ومنهم من كتب في قرآءاته، ومنهم من كتب في غير ذلك، من الموضوعات الخاصة بخدمة القرآن الكريم.
وقد ألف كثير من العلماء ـ قديما وحديثا ـ مباحث متعددة في علوم القرآن، فمن العلماء القدامى الذين ألفوا في علوم القرآن: الإمام بدر الدين الزركشي ، المتوفى سنة 794 هـ، وقد سماه: "البرهان في علوم القرآن"، وقد تم طبعه في أربعة مجلدات، وتنازل فيه الإمام الزركشي كثيرا من مسائل علوم القرآن. ومنهم الإمام جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ، وكتابه "الإتقان في علوم القرآن" يعد على رأس المؤلفات الجامعة التي ألفت في هذا الفن. ومن العلماء المحدثين الذين ألفوا في علوم القرآن الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ـ ـ فقد كتب كتابا جامعا في هذا الفن بعنوان: "مناهل العرفان في علوم القرآن: وقد كتبه فضيلته بعبارة أدبيه بليغة، وبأسلوب علمي محرر، فرحمة الله عليه رحمة واسعة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]