بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الغالي ، أختي الغالية !!!!!
أعرني انتباهك لحظة، لنتأمل في هذه الكلمات و نبحر فيها و نعيش كل حرف من حروفها
فلعل الله تعالى يجعلها مفتاح هدايتنا و نورا" يخرجنا به من الظلمات و يزيل الغشاوة
التي أعمت بصائرنا و غلفت قلوبنا .
إذا" هيا تأمل و فكر و اعقل ... فهذه وقفة مع النفس لنعاتبها و نحاسبها الآن قبل
فوات الأوان و حيث لا ينفع الندم .
إن المؤمن يحاسب نفسه دائما"و لا ينخدع و لا يغتر أبدا"، فو الله إن المخدوع من
انخدع بعلم أو طاعة أو عمل لأنك لا تدري بأي شيء يختم لك.
فيا أيها الأخ الكريم و أنت أيتها الأخت الفاضلة : فلنقف الآن مع أنفسنا وقفة صدق
لنحاسبها محاسبة شديدة .
ما الذي قدمناه لله جل و علا ؟ و ما الذي قدمناه لدين الله جل و علا ؟ و ما هو حجم
التفريط و التضييع ؟
هل امتثلنا لأوامر الله ؟ هل انتهينا بنواهي الله ؟ هل وقفنا عند حدود الله عز و جل
؟
و المحاسبة نوعان: محاسبة قبل العمل و محاسبة بعد العمل. فالمحاسبة قبل العمل...
لماذا اعمل ؟ لماذا أتكلم ؟ لماذا اسكت ؟ لماذا أعطى ؟ لماذا امنع ؟ لماذا ابغض ؟
لماذا أحب ؟ لماذا أوالى ؟ لماذا أعادى ؟ لماذا أتيت ؟ لماذا جلست ؟ لماذا أنطقت ؟
.. سؤال عن الإخلاص.. لمن اعمل ؟ لمن أتحرك ؟ لمن أدعو ؟ لمن أصلي ؟ لمن
اعبد ؟ اسأل نفسك ...
…فالسؤال الأول عن الإخلاص
هل ابتغيت بعملك وجه الله ؟ أم ابتغيت الدنيا أو الشهرة أو السمعة أو الرياء ؟
فالله سبحانه و تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا" له سبحانه ، يقول تعالى
: (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا" صالحا" و لا يشرك بعبادة ربه أحدا ))
الكهف 110 . فإذا ما أدى المؤمن العمل وقف مع نفسه مرة أخرى .. لماذا عملت ؟ و هل
وافق عملي هدي رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) ؟ فان رأى المؤمن خللا" أتمه، و
إن رأى نقصا" أكمله ، و إن رأى انحرافا" عاد إلى الله ، و إن رأى نفسه في غفلة تذكر
الله فتاب و أناب .
فقف الآن مع نفسك و قل لها :
يا نفس .. ما لي بضاعة إلا العمر ، فان ضاع عمري فقد ضاع رأس مالي.
ويحك يا نفس .. تصوري انك قد طلبت من الله الرجعة (( رب ارجعون لعلي اعمل صالحا"
فيما تركت )) فأمهلك الله في هذا اليوم الذي تعيشين فيه ، فهل ستعملين ما طلبت ؟ هل
ستتقين الله عز و جل و تمتثلين للأمر و تقفين عند الحد؟ ويحك يا نفس ..إلى متى
تعصين ؟ و على ربك تتمردين ؟ إن كنت تظنين إن الله لا يراك و أنت ترتكبين المعصية ،
فما أعظم كفرك بالله .. و إن كنت تظنين انه يراك و أنت مصرة على المعصية فما اشد
وقاحتك و ما اقل حياؤك من الله ..
يا نفس .. هل عرفت قدر نعمة الإسلام؟ يا نفس .. هل عشت بالإسلام و بذلت للإسلام ؟
يا نفس .. هل أديت أركان هذا الدين ؟ فحافظت على الصلوات و الزكاة و الصيام و الحج
مع القدرة و الاستطاعة ؟
يا نفس .. هل أحسنت الأتباع للحبيب النبي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) ؟ ويحك يا
نفس .. هل أحسنت إلى الوالدين ؟ هل أحسنت إلى الجيران و إلى الفقراء و المساكين ؟ و
هل تواضعت للمسلمين ؟
يا نفس .. هل عفوت عمن ظلمك ؟ هل أطعمت من منعك ؟ هل وصلت من قطعك؟
ويحك يا نفس .. هل اتقيت الله في السر و العلن ؟ هل صدقت القول و أخلصت العمل و
وفيت الوعد و العهد ؟
ويحك يا نفس ..إلى متى تعصين ؟ و على ربك تتمردين ؟ كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب ؟
ويحك يا نفس .. أما تنظرين إلى أهل القبور ؟ أما لك فيهم عبرة ؟ أما لك إليهم نظرة
؟
كانوا كثيرا .. و جمعوا كثيرا .. فأصبح جمعهم بورا .. و بنيانهم قبورا .. و أملهم
غرورا ..
يا نفس .. أتظنين أنهم دعوا إلى الآخرة و أنت من المخلّدين ؟ هيهات .. هيهات .. ساء
ما تتوهمين
يا نفس .. تذكري ! إن الموت موعدك .. و إن القبر بيتك .. و إن التراب فراشك .. و إن
الدود مأكلك
يا نفس .. أما تخافين من سوء الخاتمة ؟ أما تخافين من العرض على الله ؟ أما تخافين
من الموت و سكرته و من القبر و ظلمته و من الصراط و دقته و من الحساب و فتنته ؟ أما
تخافين من النار و الأهوال و الأغلال .. أما تخافين أن تحجبي عن النظر إلى وجه
الكبير المتعال ؟؟؟
ويحك يا نفس .. إلى متى هذه الغفلة ؟ تسمعين القرآن كل يوم و تسمعين حديث رسول الله
( صلى الله عليه و سلم ) ؟ كل ساعة .. يأمرك الله فلا تأتمرين ، و ينهاك الله فلا
تنتهين .. و يوصيك الحبيب محمد (صلى الله عليه و سلم ) فلا تقفين عند حد الله و لا
عند حد رسول الله (صلى الله عليه و سلم )...
ويحك يا نفس .. تذكري العرض على الله جل و علا ، فان القيام بين يديّ الله طويل ...
و إن الحساب بين يديّ الله عسير
يا نفس .. قد أزف الرحيل .. و أظلك الخطب الجليل .. فتأهبي يا نفس و لا يلعب بك
الأمل الطويل .. فلتنزلينا بمنزل ينسى الخليل به الخليل .. و ليركبن عليك فيه من
الثرى ثقل ثقيل .. قرن الفناء بنا جميعا" فما يبقى العزيز و لا الذليل ...
و أنت أيها الغالي .. و أنت أيتها الغالية !
هل فكرت لحظة كيف تقف بين يديّ قيوم السموات و الأرض وكلك ذنوب و معاصي ؟هل أعدت
للسؤال الجواب؟ بأي وجه ستقف في محكمة الملك الجبار ؟ حيث لا دفاع و لا مرافعات و
لا أعذار و لا مناقشات ؟ يقول الحق تبارك و تعالى :
(( يومئذ يتبعون الداع لا عوج له . و خشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا .
يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن و رضي له قولا . يعلم ما بين أيديهم و
ما خلفهم و لا يحيطون به علما . و عنت الوجوه للحي القيوم و قد خاب من حمل ظلما ))
. طه ( 107-111)
فهيا أيها العاصي تب إلى ربك !!!
فيا من رق قلبك و خشعت جوارحك و دمعت عيناك تب إلى الله و عاهد ربك من الآن على
التوبة ، على ترك المعاصي ، على ترك الذنوب ، على السير على طريق الحبيب المحبوب
محمد (صلى الله عليه و سلم ) . فأن الدنيا و الله مهما طالت فهي قصيرة و مهما عظمت
فهي حقيرة . هيا تب إلى الله و اعلم بأن الله و هو الغني عن العالمين الذي لا تنفعه
الطاعة و لا تضره المعصية سيفرح بتوبتك سيفرح بأوبتك سيفرح بعودتك .. اسمع إلى ربك
و هو ينادي عليك : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعا )) .. و اسمع إلى الله و هو ينادي عليك في الحديث القدسي
الذي رواه مسلم و الترمذي : ( يا ابن آدم انك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما
كان منك و لا أبالي .. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك
و لا أبالي .. يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا"
أتيتك بقرابها مغفرة .)
و في الختام أيها الأحباب في الله أقول عذرا" إن أطلت الكلام أو قسوت ، فو الله إن
الأمر لعظيم و إن الخطب جليل .. يقول الحق جل جلاله : (( يا أيها الناس إن وعد الله
حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور )) و يقول كذلك : (( يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقوا الله إن الله خبير بما
تعملون )) . و أنها لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد .
و صلى الله على الحبيب محمد و على آله و صحبه و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين
إخواني أخواتي أعضاء منتدى الكلمة الطيبة
وجدت هذه الكلمات في بحر النت فنقلتها لكم
لعلي أنال بها رضى الله
فلا تنسوني بدعائكم في ظهر الغيب
ولكم بالمثل