الجملة التي لا محل لها من الإعراب
هي الجملة التي لا تحل محل المفرد ، ولا تأخذ إعرابه ، ولا يقال فيها إنها في موضع رفع ، أو نصب ، أو جر ، أو جزم . وأنواعها على النحو التالي : ـ
أولا ـ الجملة الابتدائية :
ويقصد بها الجملة التي نبتدئ بها الكلام لفظا ، أو تقديرا ، وسواء أكانت اسمية ، أم فعلية .
فالاسمية نحو : محمد مجتهد .
221 ـ ومنه قوله تعالى : { إنَّا أعطيناك الكوثر }1 .
والفعلية نحو : يطوف المسلمون حول الكعبة .
222 ـ ومنه قوله تعالى : { تبت يدا أبي لهب وتب }2 .
فكل من الجملتين السابقتين ، وكذلك الآيتان المستشهد بهما ، لا محل لها من الإعراب ، لأنها جملة ابتدائية تؤدي معنى مستقلا ، ولا يصح أن يحل محلها كلمة مفردة ، وإلا ضاع المعنى .
ومثال الجملة الابتدائية التي يبتدأ بها الكلام تقديرا قول الأفوه الأودي :
بينما الناس على عليائها إذ هَوَوا في هُوّة فيها فغاروا
فلكون " بين " ظرف للفعل " هوى " ، والتقدير : هوى الناس في هوة بينما هم على عليائها . فهي جملة ابتدائية ، وإن كان قبلها جملة " الناس على عليائها " ، لأنها أُخرت لفظا ، وحقها التقديم في أول الكلام تقديرا .
ومنه قوله تعالى : { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد رزقا }3 .
فلأن " كل " ظرف للفعل " وجد " ، والتقدير : وجد زكريا عندها رزقا كلما دخل
ــــــــــ
1 ـ 1 الكوثر . 2 ـ 1 المسد .
3 ـ 37 آل عمران .
عليها المحراب . فجملة " وجد " ابتدائية ، وإن كان قبلها في الطاهر جملة أخرى .
ثانيا ـ الجملة الواقعة بعد أدوات الابتداء ، وتشمل التالي :
1 ـ الحروف المكفوفة وهي : إنما ، وأنما ، وليتما ، وكأنما ، ولعلما ، لكنما ، وربّما ، وكما .
نحو قوله تعلى : { إنما المؤمنون إخوة } 1 .
وقوله تعالى : { إنما أنت نذير } 2 .
وقوله تعالى : { وإنما أنا نذير مبين } 3 .
ومنه قول كثير :
أراني ولا كفران لله إنما أواخي من الأقوام كل بخيل
ونحو قوله تعالى : { يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد } 4 .
ونحو قول النابغة الذبياني :
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد
ومنه قوله تعالى : { فكأنما خر من السماء } 5 .
ومنه قول الشاعر :
كأنما ضربت قدام أعينها قطنا بمستحصد الأوتار محلوج
ومنه قول الفردزق :
أعد نظرا يا عبد قيس لعلما أضاءت لك النار الحمار المقيدا
ومنه قول امريء القيس :
ولكنما أسعى لمجد مؤثل وقد يدرك المجد المؤثل امثالي
وقول ساعدة بن جؤية :
ولكنما أهلي بواد أنيسه سباع تبغى الناس مثنى وموحدا
ـــــــــــــ
1 ـ 10 الحجرات . 2 ـ 12 هود .
3 ـ 50 العنكبوت . 4 ـ 5 فصلت .
5 ـ 31 الحج .
" ربما " نحو : ربما الغائب يعود .
ومنه قوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } 1 .
" كما " اتصلت ما الزائدة بـ " الكاف " فمنعتها من العمل ، والجملة بعدها ابتدائية لا محل لها من الإعراب . نحو : الشهادة خير الكلام كما الصلاة عمود الدين .
2 ـ " إذا " الفجائية : نحو : خرجت فإذا السماء تمطر .
ومنه قوله تعالى : { فإذا هي حية تسعى } 2 .
وقوله تعالى : { ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين } 3 .
3 ـ أمّأ ، وبل ، ولكن ، وهل ، وما النافية غير الحجازية " التي لا عمل لها " ، وبينا ، وبينما ، وإلاّ الاستثنائية .
وإليك أمثلتها على التوالي :
" أمّأ " قال تعالى : { فأمّا الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم }4 .
ومنه قول سبيع بن الخطيم :
أمّا إذا ضاقت فإن مصيرها هضب القليب فعردت فأقوف
و" أمّا " هنا حرف شرط غير جازم وتفصيل وتوكيد ، وتلزم الفاء جوابها كثيرا .
" بل " نحو قوله تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا } 5 .
وقوله تعالى : { أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق }6 .
و" بل " حرف ابتداء يفيد الإضراب .
" لكن " المخففة من الثقيلة لا عمل لها ، وهي حرف استدراك إذا سبقها نفي وتدخل على الجمل الفعلية والاسمية ، مثال الفعلية :
قوله تعالى : { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } 7 .
ــــــــــــــ
1 ـ 2 الحجر . 2 ـ 20 طه .
3 ـ 108 الأعراف . 4 ـ 26 البقرة .
5 ـ 14 الأعلى . 6 ـ 70 المنافقون .
7 ـ 118 النحل .
ومنه قول العجير السلوسي :
ولكن ستبكي خطوب كثيرة وشعت أهينوا في المجالس جوع
ومثال دخولها على الجمل الاسمية وهي عنئذ ابتدائية لمجرد إفادة الاستدراك .
قوله تعالى : { لكن الراسخون في العلم منهم } 1 .
ومنه قول زهير :
إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره لكن وقائعه في الحرب تنتظر
" هل " وهي حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب ولا يعمل فيما بعده ، ويختص بالتصديق والإيجاب ، ويفيد معرفة مضمون الجملة ن ويدخل على الأفعال ، والأسماء .
نحو قوله تعالى : { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } 2 .
ومنه قول عنترة :
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
ومثال دخولها على الأسماء قول الحارث بن حلزة :
أيها الناطق المُرَقِّش عنا عند عمرو وهل لذاك فداء
وقوله :
كتكاليف قومنا إذ غزا المنذ ر هل نحن لابن هند رِعاء
ومنه قول امرئ القيس :
وإن شفائي عبرة مهراقة فهل عند رسم دارس من مُعَوَّل
" ما " النافية غير العاملة ، وتختص بالدخول على الأفعال ، وتعرف بالتميمية ، أو غير الحجازية ( لأن ما الحجازية تعمل عمل ليس ) .
نحو قوله تعالى : { قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي }3 .
ـــــــــــ
1 ـ 162 النساء . 2 ـ 1 الإنسان .
3 ـ 15 يونس .
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :
وما راعني إلا مناد ترحلوا وقد لاح مفتوق من الصبح أشقرا
مثال " بينا " قال الأفوه الأودي :
فبينا نحن نرقبه أتانا معلق فضة وزنا ذراعي
مثال " بينما " قوله أيضا :
بينما الناس على عليائها إذ هو وافي هوة فيها فغاروا
ثالثا ـ الجملة الواقعة بعد أدوات التحضيض :
وهي : هلاّ ، ولوما ، ولولا غير الشرطية إذا تلاهما فعل مضارع .
نحو : هلاّ تساعدنَّ المحتاج .
وهي تفيد التوبيخ إلى جانب التحضيض أذا دخلت على الفعل الماضي كقول عنترة :
هلاّ سألتِ الخيل يا بنة مالك أن كنت جاهلة بما لا تعلمِ
ونحو قوله تعالى : { لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين } 1 .
ونحو قوله تعالى : { لولا تستغفرون الله } 2 .
رابعا ـ الجملة المستأنفة :
هي الجملة المنقطعة عما قبلها صناعيا (3) ، وتأتي في وسط الكلام ، أو الجملة التي نفتتح بها كلاما جديدا .
نحو : مات فلان رحمه الله .
ـــــــــــــ
1 ـ 7 ، 8 الحجر . 2 ـ 46 النحل .
3 ـ إعراب الجمل ، د / فخر الدين قباوة ص 36 .
المقصود بالاتباع الصناعي عدم التعلق باتّباع ، أو إخبار ، أو وصفية ، ولا يضر الارتباط
المعنوي ، لأن الارتباط المعنوي لا يستلزم محلا إعرابيا .
فجملة " رحمه الله " جاءت بعد اسم معرفة ، ولكنها لم تكن حالا منه ، بل هي جملة جديدة ، ومنقطعة عن الجملة السابقة ، لأنها دعاء له بالرحمة ، لذلك تسمى الجملة الأولى " مات فلان " جملة ابتدائية ، ونسمي الجملة الثانية " رحمه الله " جملة استئنافية .
223 ـ ومنه قوله تعالى : { قالت ربي إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت }4 .
ومن الجمل الاستئنافية الجملة المؤخر عنها العامل في باب " ظن " .
نحو : محمد مقصر أظن .
فجملة " أظن " وفاعلها المقدر ، لا محل لها من الإعراب استئنافية .
والجملة المستأنفة هي الجملة الكائنة جوابا لسؤال مقدر . أو جوابا لنداء .
فمثال جواب السؤال المقدر .
224 ـ قوله تعالى : { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا : سلاما ، قال سلام }1 .
فجملتا القول استئنافيتان ، لأنهما جواب لسؤال مقدر هو : ماذا قالوا ؟
ومنه قوله تعالى :
{ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم مكرمون }2 .
فجملة القول الثانية جواب لسؤال مقدر هو : فماذا قال لهم ؟
وهذا النوع يعرف بالاستئناف البياني ، لأن جملة الجواب المستأنفة تكون جوابا لسؤال مقدر كما مر معنا .
أما الأنواع الأخرى من الجمل الاستئنافية فتعرف بالاستئناف النحوي ، والاستئناف البياني نوع من الاستئناف النحوي ، وليس كل استئناف نحوي يكون بيانيا .
ومثال جواب النداء قول جميل بثينة :
أبُثينَ إنّك قد ملكتِ فأسجحي وخذي بحظك من كريم واصل
ــــــــــــ
1 ـ 36 آل عمران . 2 ـ 69 هود .
3 ـ 24 ، 25 الذاريات .
ومنه قول الأخطل :
أعاذلَ ما عليكِ بأن تَرَيني أُباكر قهوة فيها احمرار
وكثيرا ما تدخل على الجمل المستانفة أحرف تعرف بأحرف الاسئناف وهي :
الفاء ، والواو ، وثم ، وحتى ، وبل التي للإضراب الانتقالي ، وأو التي بمعنى بل ، وأم المنقطعة ، ولكن مجردة من الواو العاطفة
فمثال المقرونة بالفاء قوله تعالى : { بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون } 1 .
وقوله تعالى : { قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه } 2 .
وقوله تعالى : { ونصحت لكم فكيف آسي على قوم كافرين } 3 .
ومثال المقرونة بالواو قوله تعالى : { إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار } 4 .
وقوله تعالى : { كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل } 5 . وقوله تعالى : { ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين } 6 .
ومنه قول امريء القيس وقد اجتمع فيه جملتان استئنافيتان الأولى مقرونة بالواو والثانية بالفاء :
وقوفا بها صحبي عليَّ مطيهم يقولون لا تهلك أسىً وتجمل
وإنَّ شفائي عبـرة مهـراقة فهل عند رسم دارس من معوَّل
الشاهد في البيت الثاني قوله : وإن شفائي ، وقوله : فهل عند رسم .
والمقرونة بـ " ثم " .
قوله تعالى : { فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة } 7 .
ـــــــــــ
1 ـ 88 البقرة . 2 ـ 104 الأنعام .
3 ـ 93 الأعراف . 4 ـ 10 آل عمران .
5 ـ 108 البقرة . 6 ـ 34 الأنعام .
7 ـ 20 العنكبوت .
ومثال المقرونة بـ " حتى " قول الفرزدق :
فيا عجبا حتى كليب تسبني كأن أباها نهشل أو مجاشع
والمقرونة بـ " بل " قوله تعالى :
{ وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا } 1 .
ومثال المقرونة بـ " أو " .
قوله تعالى : { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } 2 .
والجملة المستأنفة بعد " أو " : هم يزيدون على تقدير هم المحذوف .
والمقرونة بـ " أم .
" قوله تعالى : { هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور } 3 .
ومثال المقرونة بلكن قول زهير :
إنَّ ابن ورقاء لا تخشى غوائله لكن وقائعه في الحرب تُنتَظر
خامسا ـ جملة صلة الموصول الاسمي ، أو الحرفي :
هي الجملة التي تكون صلة لاسم موصول ، أو حرف مصدري .
وأسماء الموصول هي : الذي ، التي ، اللذان ، اللتان ، الذين ، الأُلَى ، اللواتي ، اللاتي ، اللائي ،
أل ، مَن ، ما ، ذا ، ماذا ، ذو ، أئٌّ ، أيّة .
نحو : جاء الذي فاز بالجائزة .
225 ـ ومنه قوله تعالى : { الذي جعل لكم الأرض مهادا }4 .
وقوله تعالى : { الذي علم بالقلم }5 .
ومنه قول الفرزدق :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
ــــــــــــــــ
1 ـ 15 ، 16 الأعلى . 2 ـ 147 الصافات .
3 ـ 16 الرعد .4 ـ 10 الزخرف .
5 ـ 4 العلق .
ومنه قول مجنون ليلى :
وأنتِ التي ما من صديق ولا عِدا يرى نِضوَ ما أبقيت إلا بكى ليا
ومنه قوله تعالى : { ربنا أرنا اللذين أضلانا } 1 .
ومنه قول الأخطل :
هما اللتان لو ولدت تميم لقيل : فخر لهم صميم
وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } 2 .
ومنه قول الحطيئة :
وأرى الذين حووا تراث محمد أفلت نجومهم ونجمك يسطع
ومنه قوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } 3 .
وقوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض } 4 .
ومنه قول يزيد بن الحكم :
يقول الخنا وأبغضُ العجم ناطقا إلى ربنا صوت الحمار اليُجدَّع
الشاهد قوله : " اليجدع " فـ " أل " موصول اسمي بمعنى الذي .
ومنه قول الفرزدق :
ما أنت بالحكم الترضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
الشاهد قوله : " الترضى " فـ " أل " موصول أسمي لذلك اتصل بالفعل ، أي : الذي ترضى .
ومنه قول عمرو بن كلثوم :
فصالوا صولة فيمن يليهم وصلنا صولة فيمن يلينا
الشاهد قوله : " فيمن " من اسم وصول للعاقل .
ومنه قول زهير:
سعى ساعيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بعدما تبزَّلَ ما بين العشيرة بالدم
ــــــــــــ
6 ـ 29 فصلت . 4 ـ 35 المائدة .
5 ـ 23 النساء . 6 ـ 4 الطلاق .
الشاهد قوله : " ما " اسم موصول لغير العاقل .
ومنه قول لبيد :
لا تسالان المرء ما ذا يحاول أنحبٌ قضى أم ضلالٌ وباطلُ
الشاهد فيه : " ذا " اسم موصول .
ومنه قول القوال الطائي :
قولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا هلُمَ فإن المَشرفيَّ الفرائضُ
الشاهد قوله : " ذو " وهو اسم موصول ، والأكثر فيه ألا يؤنث ، ولا يثنى ، ولا يجمع ، ويكون مبنيا على السكون ، وقد يعرب إعراب الأسماء الخمسة كما في قول منظور بن سحيم :
فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا
الشاهد قوله " من ذي " فذي اسم موصول أعرب إعراب الأسماء الخمسة فجر بمن وعلامة جره الياء ، وقد حذفت منه صلة الموصول لدلالة الظرف " عند " عليها .
ومنه قول الأعشى :
يضرب الأدنى إليهم وجهه لا يبالي أيَّ عينيه كَفَحْ
الشاهد قوله : " أيّ " وهي اسم موصول معرب ، وقد تؤنث ، ويجب أن تضاف إلى معرفة كما في الشاهد المذكور خلافا للكوفيين ، فإن اضيفت إلى ضمير وكانت صلتها جملة اسمية محذوفة الصدر جاز فيها الإعراب والبناء على الضم .
نحو قوله تعالى : { ثم لننزعنَّ من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عِتيّا }1 .
وللاستزادة راجع اسم الموصول في الموسوعة .
أما الموصول الحرفي : فهو عبارة عن الأحرف المصدرية التي تشكل مع ما بعدها مصدرا مؤولا له محل من الإعراب ، وما يليها يكون صلة لها لا محل له من الإعراب وهي : أنْ ، وما ، وكي ، وأنّما . نحو : سرني أن نجحت .
ــــــــــــ
1 ـ 69 مريم .
ومنه قول معن بن أوس :
يحاول رَغمي لا يحاول غيره وكالموت عندي أن يَحُلَ به الرَّغمُ
الشاهد قوله : " أن يحل " فأن حرف مصدري ونصب يحتاج إلى صلة ، والفعل " يحل " صلته ، وأن والفعل في تأويل مصدر تقديره " حلول " في محل رفع مبتدأ مؤخر ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم .
ونحو قوله تعالى : { وضاقت عليكم الأرض بما رحبت }1 .
ومنه قول الشاعر :
يسر المرء ما ذهب الليالي وكان ذهابهن له ذهابا
الشاهد في الآية قوله تعالى : " بما رحبت " فما مصدرية ، والفعل " رحب " وما في حيزه صلتها ، ويشكلان معا مصدرا مؤولا في محل جر بالباء .
والشاهد في البيت قوله : " ما ذهب " فما مصدرية ، وجملة ذهب صلتها ، والمصدر المؤول من " ما " والفعل في محل نصب مفعول به للفعل يسر .
ومنه قوله تعالى : { لكي لا يكون على المؤمنين حرج } 2 .
وقوله تعالى : { لكي لا تأسوا على ما فاتكم } 3 .
ومنه قول أبو ذؤيب الهذلي :
تريدين كي ما تجمعيني وخالدا وهل يجمع السيفان ويحك في غمد
ومنه قوله تعالى : { يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد }4 .
فالجمل الواقعة بعد أسماء الموصول ، أو بعد الحرف المصدري ، الذي يحتاج إلى صلة ، كلها جمل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
ـــــــــــــ
1 ـ 25 التوبة . 2 ـ 37 الأحزاب .
3 ـ 23 الحديد . 4 ـ 6 فصلت .
سادسا ـ الجملة المعترضة :
هي الجملة الواقعة بين شيئين متلازمين ، يحتاج كل منهما للآخر ، وفائدتها تقوية الكلام وتوضيحه ، أو توكيده ، أو تحسينه .
مثال تقوية الكلام وتوضيحه قول قطري بن الفجاءة :
فإن أمت حتف أنفي لا أمت كمدا على الطعان وقصرُ العاجز الكمدُ
ولم أقل لم أساقِ الموتَ شاربَه في كأسه والمنايا شرّعٌ وُرُدُ
الشاهد قوله : قصر العاجز الكمد ، حيث جاءت الجملة معترضة بين المعطوف عليه ، والمعطوف لإفادة التقوية والتوضيح .
ومثال المعترضة للتوكيد قول : عمرو بن شاس
أرَدْتِ عرارا بالهوان ومن يرد عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم
الشاهد قوله : لعمري ، فقد جاءت جملة القسم معترضة بين الفعل ، والجار والمجرور المتعلق به لغرض التوكيد .
ومثال التحسين قول زهير :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
الشاهد قوله : لا أبا لك جملة معترضة بين فعل الشرط وما في حيزه ، وبين جوابه ، وليس الفرض منه التوكيد ، أو التوضيح ، وإنما جاء به الشاعر على عادة العرب في إجرائهم إياه مجرى المثل لغرض التحسين .
وتقع الجملة المعترضة في المواضع الآتية : ـ
1 ـ بين الفعل وفاعله . نحو : وصل ـ أظن ـ أبوك .
2 ـ بين الفعل ونائب الفاعل . نحو : توفي ـ أعتقد ـ المريض .
3 ـ بين الفعل ومفعوله . نحو صافحت ـ رعاك الله ـ رجلا شجاعا .
4 ـ بين المبتدأ وخبره . نحو : أنت ـ حماك الله ـ صديق مخلص .
5 ـ بين اسم كان وخبرها . نحو : كان عليّ ـ رحمه الله ـ أمينا في صداقته .
6 ـ بين اسم إن وخبرها . نحو : إن أخاك ـ والله ـ شهم .
7 ـ بين الشرط وجوابه . نحو : إن زرتني ـ إن شاء الله ـ تجدني في انتظارك .
226 ـ ومنه قوله تعالى :
{ وإذا بدلنا آية مكان آية ـ والله أعلم بما ينزل ـ قالوا إنما أنت مفتر }1 .
8 ـ بين المضاف والمضاف إليه . نحو : استعرت كتاب ـ والله ـ محمد .
9 ـ بين القسم وجوابه .
والله ـ والحق يقال ـ لأكافئنَّ الفائزين .
227 ـ وقوله تعالى : { فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك }2 .
10 ـ بين الموصول والصلة ، نحو : جاء الذي ـ أشهد ـ قد فاز بالسباق .
11 ـ بين الموصوف والصفة . نحو : أعطف على رجل ـ والله ـ فقير .
12 ـ بين أجزاء الصلة . نحو : حضر الذي خيره ـ لا شك ـ يعم الجميع .
13 ـ بين الجار والمجرور . نحو : ذهبت إلى ـ والله ـ عملي مبكرا .
14 ـ بين قد والفعل . نحو : قد ـ والله ـ نجح محمد .
100 ـ ومنه قول الشاعر :
أخالد قد ـ والله ـ أوطأت عشوة وما قائل المعروف فينا يعنفا
15 ـ بين سوف والفعل . نحو : سوف ـ والله ـ ينجح المجد .
101 ـ ومنه قول الشاعر :
ما أدري وسوف ـ أخال ـ أدري أقوم آل حصن أم نساء
16 ـ بين حرف النفي ومنفيه : نحو : لا ــ والله ــ أقصر في عملي .
102 ـ ومنه قول الشاعر :
ولا ـ أراها ـ تزال طاغية تحدث لي نكبة وتنكؤها
ونحو : ما ـ أظنه ـ يفلح الكسول .
وقد يأتي أكثر من جملة معترضة في الموضع الواحد .
نحو : محمد ـ والله ، والحق أقول ـ لن يقصر في خدمة الوطن .
في جميع الأمثلة السابقة ، نجد صورا مختلفة لجمل معترضة في مواطن شتى بين جزأين
ـــــــــــــ
1 ـ 10 النحل . 2 ـ 85 ص .
متلازمين من الكلام ، وفي بعض المواطن بين الفعل وما قد يسبقه من بعض الحروف ، وهذه الجمل لا محل لها من الإعراب .
وقد يسبق الجملة المعترض بعض الأحرف التي تسمى بأحرف الاعتراض وهي في الأصل أحرف استئناف ، أو عطف ، وهذه الأحرف هي :
1 ـ " الفاء " كما في قول علقمة الفحل :
وأنت امرؤٌ أفضتْ إليك أمانتي وقبلك ربَّتني فضِعت رُبُوبُ
ومنه قوله تعالى : { ومن دونهما جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان مدهامتان }1 .
2 ـ " الواو " .
كقوله تعالى : { فلما وضعتها قالت : ربِّ إني وضعتها أنتى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى } 2 .
ومنه قول متمم بن نويرة :
لعمري وما دهري بتأبين هالك ولا جزعٍ مما أصاب فأوجعا
لقد كفّن المِنهال تحت ردائه فتى غير مبطان العشيات أروعا
الشاهد قوله : وما دهري … إلخ جملة معترضة مقرونة بواو الاعتراض .
3 ـ " إذ " التعليلية .
كقوله تعالى : { ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون }3 .
ومنه قول مجنون ليلي :
فيا ربِّ إذ صيرت ليلى هي المنى فزِنِّي بعينيها كما زنتها ليا
الشاهد قوله : إذ صيرت . جملة اعتراضية مقرونة بـ " إذ " .
4 ـ " حتى " الابتدائية .
كقوله تعالى { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار }4 .
ـــــــــــ
1 ـ 62 ـ 64 الرحمن . 2 ـ 36 آل عمران .
3 ـ 39 الزخرف . 4 ـ 18 النساء .
ومنه قول الشاعر :
عممتم بالندى حتى غُواتُهُمُ فكنت مالك ذي غَيٍّ وذي رشدِ
5 ـ اللام الموطئة لجواب القسم : وهي اللام الداخلة على أداة الشرط ، للإذان بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها ظاهر ، أو مقدر لا على الشرط ، وقد عد النحاة اللام الموطئة للقسم من الأحرف الاعتراضية لأنها تتصدر الجملة الشرطية فتجعلها اعتراضية .
مثال القسم الظاهر قول الشاعر :
لعمري لئن كنتم على النأي والغنى بكم مثل ما بي إنكم لصديق
فالقسم الظاهر قوله : لعمري ، والجملة الشرطية معترضة بين القسم وجوابه : إنكم لصديق .
ومثال القسم المقدر قمل الشاعر :
لمتى صلحت ليُقضينْ لك صالح ولتُجزَيَنَّ إذا جُزيتَ جميلا
فالقسم في هذا الشاهد مقدر قبل اللام الموطئة ، والجملة معترضة بين القسم المقدر وجوابه .
الفرق بين الجملة المعترضة ، وبين جملة الحال :
نتيجة للالتباس الذي كثيرا ما يقع بين الجملة الاعتراضية ، والجملة الحالية ، حاول النحاة وضع بعض الفوارق التي تميز بين الجملين حتى لا يختلط الأمر على الدارس ، وهذه الفوارق هي :
1 ـ الإنابة عن المفرد :
الجملة الحالية كما مر معنا جملة لها محل من الإعراب ، لذلك فهي تحل محل الاسم المفرد ، وتنوب عنه في إعرابه .
أما الجملة الاعتراضية فهي من الجمل التي لا محل لها من الإعراب ، ولا تحل محل المفرد .
2 ـ الإنشاء :
قد تأتي الجملة الاعتراضية إنشائية ، في حين لا تكون الجملة الحالية كذلك .
والشاهد على ذلك قول جميل :
يقولون جاهد يا جميل بغزوة وأيَّ جهاد غيرَهنَّ اريد
الشاهد قوله : يا جميل ، وهي جملة نداء إنشائية قد اعترضت بين الفعل " جاهد " وبين الجار والمجرور المتعلق بالفعل وهو " بغزوة "
وكذلك قول ابن هرمة :
إن سليمى والله يكلؤها ظنت بشيء ما كان يرزؤها
فالشاهد قوله : والله يكلؤها ، وهي جملة دعاء إنشائية ، وقعت معترضة بين اسم إن وخبرها .
3 ـ الاستقبال :
قد تبدأ الجملة المعترضة بحرف من أحرف الاستقبال كلن وسوف ، والسين .
نحو قوله تعالى : { فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة }1 .
ونحو قول زهير :
وما أدري وسوف إخالُ أدري أقومٌ آلُ حصنٍ أم نساءُ ؟
ويمتنع ذلك في الجملة الحالية ، لأنه يراد بها الحاضر لا الاستقبال .
سابعا ـ الجملة الواقعة جوابا لشرط غير جازم :
أدوات الشرط غير الجازمة : إذا ، لو ، لولا ، لوما ، لمّا الظرفية المتضمنة معنى الشرط ، كيف .
كقول المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ـــــــــــــــــ
1 ـ 241 البقرة .
103 ـ ومنه قول امرئ القيس :
إذا قلت هاتي ناوليني تمايلت على هضيم الكشح ريا المخلخل
ومنه قول جرير :
لولا الحياء لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
ومنه قوله تعالى : { ولو نزلنا هذا القرآن ، على جبل لرأيته خاشعا }1 .
228 ـ وقوله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة }2 .
ونحو قوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم }3 .
ونحو : لوما تأخرت لخرجنا في رحلة .
ونحو قوله تعالى : { فلما أتاهم من فضله بخلوا به }4 .
ونحو : كيف تقفُ أقفُ .
في الأمثلة السابقة نجد أن أجوبة الشرط وهي على الترتيب : ملكته ، وتمايلت ، لهاجني استعبار ، ولرأيته ، ولجعل ، ولمسكم ، ولخرجنا ، وبخلوا ، وأقف . كلها أجوبة شرط لأدوات غير جازمة ، وهي : إذا ، ولو ، ولولا ، ولوما ، ولمَّا ، وكيف ، وهذه الأجوبة لا محل لها من الإعراب .
ومن أمثلة أجوبة الشرط الجازمة غير المقترنة بالفاء ، أو إذا : أن تدرس تنجح .
ثامنا ـ الجملة الواقعة جوابا لشرط جازم غير مقتر بالفاء ، أو إذا الفجائية .
وأدوات الشرط الجازمة هي : إن ، إذما ، من ، ما ، مهما ، كيفما ، حيثما ، أينما ، متى ، أيّان ، أنّى ، أىّ .
نحو قوله تعالى : { وإن تعودوا نعد }5 .
وقوله تعالى : { إن تنصروا الله ينصركم }6 .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 31 الحشر . 2 ـ 118 يوسف .
3 ـ 68 الأنفال . 4 ـ 76 التوبة .
5 ـ 17 الأنفال . 6 ـ 7 محمد .
ومنه قول المتنبي :
" وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا "
الشاهد : " تمردا " جواب شرط لئن الشرطية الجازمة ، غير مقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية لذلك لا محل له من الإعراب .
وقول الشاعر :
وإنّك إذما تأتِ ما أنت آمر به تُلْفِ مَن إيّاه تأمر آتيا
104 ـ ومنه قول زهير :
ومن يصنع المعروف في غير أهله يكن حمده ذما عليه ويندم
الشاهد : يكن حمده ... إلخ ، جواب شرط لـ " من " الشرطية الجازمة ، غير مقتر بالفاء ، أو إذا الفجائية ، لذلك لا محل له من الإعراب .
ومنه قول الحطيئة :
ومن يفعل المعروف لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
فجملة : لا يعدم جوازيه . جواب شرط لـ " من " الشرطية الجازمة ، غير مقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية ، لا محل له من الإعراب .
وقول جميل :
وما أنس ما الأشياء لا أنس قولها وقد قرَّبتْ نِضوِي أمصرَ تُريدُ
ومنه قول زهير :
ومهما تكن عند امريء من خليقة وإن خالها تخفى على الناس نعلم
وقول الأخر :
يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسَكما وحيثما كنتما لاقيتما رشدا
وقوله تعالى : { أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا }1 .
ومنه قول عمر بن كلثوم :
متى ننقل إلى قوم رحانا يكونوا في اللقاء لها طحينا
ـــــــــــــ
1 ـ 148 البقرة .
ونحو : أيّان تحضر نكن في استقبالك .
وقول لبيد :
فأصبحت أنّى تأتها تشتجر بها كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ونحو : أيّ ادّخار في صغرك ينفعك في كبرك .
وعدم اقتران جواب الشرط مع الأدوات غير الجازمة ، يكون لظهور الجزم في لفظ الفعل .
وعدم اقترانه مع الأدوات الجازمة ، فلأن المحكوم لموضعه بالجزم هو " الفعل " لا الجملة بأسرها . (1)
ومما يقال في جملة جواب الشرط الجازم غير المقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية ، يقال في جملة جواب الطلب ، فهي في الحقيقة جواب شرط جازم ، حذف مع فعله ، لدلالة الكلام عليه .
كما في قول جميل :
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به مع الناس قالت : ذاك منك بعيد
فقد جزم الفعل " أعش " على تقدير : إن ترديه أعش به ، وجملته جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء ، أو إذا ، لذلك لا محل لها من الإعراب .
ومنه قول عنترة :
هلاّ سألت الخيل يا بنة مالك إن كنت جاهلة بما لا تعلم
يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعِفُّ عند المغنم
فالتقدير فيه : إن تسأليها يخبرك من شهد .
أنواع أدوات الشرط من حيث الزمن :
يتفق النحاة على أن أدوات الشرط تنقسم إلى نوعين :
1 ـ أدوات شرط ظرفية :
وهي : إذا ، ولمّا ، ومتى ، وأيّان ، وأنّى ، وحيثما ،
وأينما ، وتعرب الأداة في محل نصب على الظرفية ، والعامل فيها جوابها ، وتكون
ــــــــــــــ
1 ـ الأشباه والنظائر للسيوطي ج2 ص 23 .
جملة فعل الشرط في محل جر بالإضافة ،
2 ـ أدوات شرط غير ظرفية :
وهي بقية أدوات الرط الجازمة وغير الجازمة مثل : إن ، وإذما ، ومن ، وما ، ومهما ، وكيفما ، ولو ، ولولا ، ولوما .
فالجمل الشرطية المصدرة بأداة مما سبق يكون موقعها الإعرابي مع الأداة حسب موقعها من الكلام ، وموقع جملة فعل الشرط لا محل له من الإعراب كما سنرى من خلال الشواهد التالية :
قال كثير :
كأني أنادي صخرة حين أعرضتْ من الصم لو تمشي بها العصم زلَّتِ
فقوله : لو تمشي بها العصم في محل نصب صفة لـ " صخرة " ، أما جملة الشرط فقط وهي : تمشي بها العصم لا محل لها من الإعراب .
وقال قيس بن الخطيم :
طعنتُ ابن عبد القيس طعنة ثائر لها نفذ لولا الشعاع أضاءها
فجملة لولا الشاع في محل رفع صفة لـ " نفذ " ، وجملة الشعاع كائن لا محل لها من الإعراب .
ومثله قول الشاعر :
وإنك إذ ما تأتِ ما أنت آمر به تُلْفِ من إيّاه تأمرُ آتيا
فجملة ما تأت في محل رفع خبر إنّ ، وجملة تأت لا محل لها من الإعراب .
ومنه قول أبي زبيد :
فالدار إن تنئهم عني فإنّ لهم ودّي ونصري إذا أعداؤهم نصعوا
فجملة : إن تنئهم عني في محل رفع خبر المبتدأ " الدار " ، وجملة تنئهم عني لا محل لها من الإعراب .
ومنه قول امريء القيس :
أغرّك مني أن حُبّكِ قاتلي وأنّك مهما تأمري القلب يفعلِ ؟
فجملة مهما تأمر القلب في محل رفع خبر " أنّ " ، وجملة تأمري القلب لا محل لها من الإعراب .
ولا يصح أن نعرب الجمل السابقة بأنها جمل ابتدائية ، لأنه لم يبتدأ بها الكلام لا لفظا ولا نية .
وإذا اعتبرنا الجملة التي نتحدث عنها جزءا من التركيب الشرطي ، والإعراب إنما يقدر للتركيب
كله ، أما الجزء المتمم وهو جواب الشرط فلا محل له من الإعراب لأن الشرط نزَّل جملتيه منزلة الجملة الواحدة ، فالمحل الإعرابي لذلك المجموع ، وكل منهما جزء لا محل له كما يذكر صاحب المغني (1) .
فالجواب على ذلك أن هذا يقتضي منك أن تجعل جواب الشرط الجازم لا محل له من الإعراب دائما ، وإن كان مقترنا بالفاء ، وذلك مخالف للقاعدة التي تقول تكون جملة جواب الشرط لا محل لها من الإعراب إذا لم تقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية ، فإذا اقترنت بهما كان لها محل إعرابي .
وإذا قلنا أنها جملة ابتداء الشرط ، والجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب ، لزمن أن نجعل جملة جواب الشرط الظرفي كذلك ، لأنه في الابتداء حكما ، وإن تأخر في اللفظ كما في قول طرفة بن العبد :
متى تأتني أصبحك كأسا روية وإن كنت عنها ذا غنى فاغن وازدد
فالتقدير : أصبحك كاسا روية حين تأتيني ، لأنك ستعلق متى بالجواب ، وهذا اللزوم منقوض بالجواب المقترن بالفاء نحو قولنا : متى يسافر محمد فكن في وداعه .
وإذا اعبرنا الجملة المعنية بالحديث استئنافية ، كان الاعتراض لمخالفتها لشرطي الجملة المستأنفة ، الأول : لأنه لم يستأنف بها كلام جديد . والثاني : أن الكلام الذي لفظ به قبلها لمّا يتم ، حتى يجوز الاستئناف بعده .
أما في قوله تعالى : { وأيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } 2 .
ـــــــــــــ
1 ـ المغني ص 475 نقلا عن إعراب الجمل وأشباه الجمل للدكتور فخر الدين قباوة ص 45 ، لأنني لم أجد الكلام الذي ذكره قباوة نقلا عن المغني في الصفحة المذكور ، أو في غيرها ، ولعلني لم استدل عليه .
1 ـ 110 الإسراء .
فأيّأ ما تدعوا جملة شرطية استئنافية ، وجملة تدعوا لا محل لها من الإعراب ، لأنها جملة الشرط غير الظرفي .
فـ " أيّ " الشرطية : أداة شرط غير ظرفية ، وإن أضيفت إلى ظرف سواء زماني أو مكاني ، وأعربت إعرابه نحو : أي ساعة تحضر أكن في انتظارك .
والعلة في ذلك أنّ " أيّ " في الأصل مغرقة في الإبهام تدل على العموم ، دون أن تحمل معنى مما تضاف إليه من الظرف ، وإنما تكتسب بالإضافة ، أو الوصف شيئا من التحديد ، وهي أيضا لا تضاف إلى الجمل ، ولو كانت ظرفية كغيرها من أدوات الشرط الظرفي لأظيفت إلى الجمل ، ولكن ذلك ممتنع .
تاسعا ـ الجملة المفسرة :
هي جملة فضلة زائدة تفسر ما يسبقها ، وتكشف عن حقيقته .
نحو : هو مؤدب أي أخلاقه نبيلة .
ومنه قول الشاعر :
ترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكنَّ إياك لا أقلي
فجملة : أخلاقه نبيلة ، المكونة من المبتدأ والخبر ، لا محل لها من الإعراب مفسرة لما قبلها ، بعد حرف التفسير " أي " ، وهو حرف مبني على السكون ، لا محل له من الإعراب .
كما تأتي الجملة التفسيرية بعد حرف التفسير " أنْ " .
229 ـ نحو قوله تعالى : { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك }1 .
وتأتي الجملة التفسيرية أحيانا مجردة من حرف التفسير ، ولكنها تفسر المقصود من السؤال .
نحو قوله تعالى : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله }2 .
فجملة : تؤمنون بالله ورسوله . جملة مفسرة للسؤال قبلها ، لا محل لها من الإعراب .
ـــــــــــ
1 ـ 27 المؤمنون . 2 ـ 10 الصف .
وقد تأتي جملة الاستفهام نفسها مفسرة لما قبلها .
230 ـ نحو قوله تعالى : { وأسروا النجوى الذين : هل هذا إلا بشر }1 .
فجملة : هل هذا إلا بشر . جملة مفسره " للنجوى " . لا محل لها من الإعراب .
عاشرا ـ الجملة الواقعة جوابا للقسم :
نحو : والله لأقولنَّ الحق .
231 ـ ومنه قوله تعالى : { وتالله لأكيدن أصنامكم }2 .
وقوله تعالى : { يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين }3 .
فكل جملة من الجمل التالية وهي " لأقولن الحق " ، و" لأكيدن أصنامكم " ، و" إنك لمن المرسلين " لا محل لها من الإعراب لمجيئها جوابا للقسم .
حادي عشر : الجملة المؤكدة لجملة لا محل لها من الإعراب .
نحو : سافر محمد سافر محمد .
ومنه قوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } 4 .
ثاني عشر : جملة الشرط إذا حذف جوابها ، وتقدمها ما يدل عليه .
نحو : أنت بطل إن صرعت فلان .
والتقدير : إن صرعت فلان فأنت بطل .
أو تقدمها ما يطلب ما يدل على جوابها وهو " القسم " .
نحو : والله إن حضرت حفلنا ليحضرن كل المدعوين .
فالقسم يطلب ليحضرن ، والفعل " يحضرن " دليل على جواب الشرط .
والتقدير : إن حضرت حفلنا يحضر كل المدعوين .
ــــــــــــــ
1 ـ 3 الأنبياء . 2 ـ 57 الأنبياء .
3 ـ 1 ، 2 ، 3 ، يس . 4 ـ 6 الشرح .
حادي عشر ـ الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب :
نحو : جاء التلاميذ ولم يجئ المعلم .
فجملة : لم يجئ المعلم . معطوفة على جملة : جاء التلاميذ . وهي جملة لا محل لها من الإعراب ابتدائية ، وعيه فجملة " لم يجئ المعلم " لا محل لها من الإعراب .
105 ـ ومنه قول لبيد :
وهم السعاة إذا العشيرة أفظِعت وهُمُ فوارسها وهم حكامها
الشاهد : " وهم فوارسها " جملة مكونة من المبتدأ والخبر ، ولا محل لها من الإعراب ، لأنها معطوفة على جملة : " هم السعاة " الابتدائية .