إن
من أمراض العصر التي استشرت في مجتمعنا و مست معظم الافراد دون أن يدري
أنه مصاب بها هي الكآبة. أجل إنها الكآبة التي تصور لنا حياتنا بلون رمادي
باهت، مملة،روتينية. و ترينا أنه لا مستقل لنا. ترينا أنه لا مكان لنا في
مجتمعنا و لا مكان لمجتمعنا في العالم المعاصر. صرنا نتشكى دائما و أبدا
من واقعنا الذي نصحو عليه و ننام عليه. نقول أن جيل الكبار يسخر منا و نحن
نسخر من الجيل القادم و نتحسر لحاله. لا شيء يجعلنا نتفاءل أبدا و دائما
ننتظر معجزة من السماء لتحقق لنا السعادة و الأمان.
صرنا
نتزوج لأنه صار واجبا و معيار تغيير دون أن نعي أن الزواج حياة جديدة
مليئة بالسعادة و المسؤولية. و نلد أطفالا لأن الجميع يلدون دون أن نفكر و
نخطط لاعطائهم الأمل و السعادة و الحب. و كلما ذكر الزواج إلا و نرى مشاكل
و هموم و مسؤولية و شراء و فواتير و شك و قيد و نهاية. و لا نفكر أنه
بداية و تعاون و مودة و رحمة و سعادة و تشارك و طريق و حصانة و وقار. و
نرى الصغار بطونا و امراضا و ملابس و لا نراهم زهورا و فراشات. هكذا صار
حكمنا على الحياة. نولد في الكآبة و نعيش للكآبة و نلقنها للأجيال
القادمة.
لماذا نقارن أنفسنا بغيرنا من
الدول و الأمم؟ أليس الأولى أن نعيش اليوم ليومه بشمسه و ظلامه و أهله و
الغد على الله؟ ما بالنا نعكر صفو يومنا الربيعي بالتفكير في أن حياة
الجار الغني خير من حياتنا. رغم أننا محسودون في أولادنا و أزواجنا؟
ما
بالنا لا تقر لنا عين من كثرة الخوف على المستقبل و نحن لا نملك يومنا.
فنضيع اليوم في التفكير في الغد و في الغد نندم على يومنا الذي صار ماضيا
لم نستمتع به.
اخوتي أخبروني أليس اليوم
جميلا لنعيشه و نستمتع به؟. لنبتسم ابتسامة عريضة؟ لنقبل رأس والدينا و
نلاعب أولادنا و ندردش مع أهلينا و جيرانينا؟ متى كانت آخر مرة فكرنا فيها
بالذهاب في رحلة مع العائلة أو مع الاصدقاء؟ لربات البيوت متى كانت آخر
مرة أعددت فيها كعكا منزليا لتتناولوه على صينية الشاي؟ للأولياء متى كانت
آخر مرة تنزهتم مع أولادكم؟ متى قرأتم لهم قصة آخر مرة؟ متى كانت آخر مرة
تهدونهم هدية دون مناسبة؟ أليس العيب فينا أننا دائمي التشاؤم و العبوس
حتى صار وراثيا يسري في دمائنا؟
م/ن