مع وجود الكثير من النظريات التي طرحت عبر الأزمنة لمحاولة معرفة حقيقتها، تظل الوظائف الحقيقية للجيوب الأنفية مجهولة حتى الآن.
وكل ما يعرفه الأطباء أن الجيوب الأنفية تعمل طوال الوقت علي المحافظة علي صحتها هي وبالتالي صحة الأنف والمريض.
ولغطائها
المخاطي، المتصل بغطاء الأنف، خصائص مهمة من ناحية الإفرازات والشعيرات
التي تدفع هذه الإفرازات تجاه فتحة الجيوب الأنفية في الفجوات الأنفية.
ويبقى السؤال المهم : هل كون فتحات الجيوب الأنفية في الفراغ الأنفي "سالكة"، يعني أن الجيوب الأنفية والأنف بخير؟
الجيوب
الأنفية هي عبارة عن فراغات هوائية تقع في عظام الجمجمة وتحيط بالأنف وعلى
إتصال وثيق بالمخ والعينين، مما يضفي عليها أهمية قصوي في الحالات المرضية
وعند إجراء العمليات الجراحية.
أن إلتهابات الجيوب الأنفية في
تزايد وأصبحت تشكل عبئا صحيا وإقتصاديا كبيرا، ولاشك أن الحضارة هي جزء من
المشكلة فزيادة التلوث وسهولة السفر بين المدن والدول بل والقارات والزحام
الكبير في كل الأماكن لها الأثر في تزايد حالات إلتهاب الجيوب الأنفية
بصفة مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف بأن الأبحاث أثبتت أن إلتهاب
الجيوب الأنفية يصاحب حالات الزكام العادية نظرا للتواصل الموجود بين
أغشية الأنف والجيوب الأنفية.
ولكننا ولحسن الحظ لانشعر بذلك عادة طالما أن فتحات الجيوب الأنفية سليمة وتستطيع التخلص من الإفرازات وتحافظ علي تهويتها.
ومن هذا المنطلق ظهر المسمي الجديد لهذا المرض وأصبح يسمي بالتهابات الأنف والجيوب الأنفية (Rhinosinusitis).
أسباب الالتهاب وأعراضه
أسباب
التهابات الأنف والجيوب الأنفية عديدة، منها: حساسية الأنف، الإلتهابات
البكتيرية والفطرية، تضخم الأغشية (خصوصا في فتحات الجيوب الأنفية) لأي
اسباب أخرى، وجود اللحميات وبعض الأورام.
وأي سبب يؤدي لانسداد فتحات الجيوب الأنفية سيؤدي لالتهابات الأنف والجيوب الأنفية.
وتنقسم الالتهابات الأنف والجيوب الأنفية إلى حادة ومزمنة وهناك إيضا ما يسمي بالالتهابات تحت الحادة.
تبدأ
اعراض إلتهابات الأنف والجيوب الأنفية الحادة عادة بعد 6-7 أيام من
الإصابة بنوبة زكام عادية، حيث يشكو المريض من أن حالته بدأت تتدهور وبدأ
يشكو من إرتفاع في درجة الحرارة وإنسداد بالأنف مع وجود إفرازات صديدية من
إحدي الفتحات الأنفية، وقد يصاحبه ألم في الوجنتين أو الرأس.
وتشخيص
إلتهاب الجيوب الأنفية الحاد هوتشخيص سريري لا يحتاج لأشعة وقد يحتاج لعمل
مسحة ومزرعة للصديد، أما إذا كان هناك مضاعفات فقد نستعين بالأشعة
المقطعية.
والأساس في العلاج هو القضاء علي الإلتهاب والعمل علي سهولة خروج الإفرازات والصديد من الجيوب الأنفية.
هناك
نقاش حاد حول دور المضادات الحيوية في علاج التهاب الجيوب الأنفية الحاد،
وتؤكد آخر هذه الأبحاث عدم جدوي إستعمال المضاد الحيوي.
إلتهابات
الأنف والجيوب الأنفية المزمنة، هي شائعة، ومتعددة الأسباب، وتصنف حسب
ماصدر أخيرا من ورقة العمل الأوروبية بإلتهابات مزمنة بدون وجود لحمية
وإلتهابات مزمنة مع وجود لحمية، لأن هناك تشابكا كبير بين إلتهابات الأنف
والجيوب الأنفية واللحمية.
ولعلها فرصة جيدة هنا لأزالة بعض اللبس
الموجود لدى المرضي بخصوص اللحمية حيث يتم الخلط بين لحمية ماخلف الأنف
لدي الأطفال ولحمية الأنف لدي الكبار.
ولحمية ماخلف الأنف لدي
الأطفال هي عبارة عن أنسجة ليمفاوية كاللوزتين موجودة لدي كل الأطفال
وتنقرض عادة في سن البلوغ ومكانها ليس في الأنف بل خلفه، بعكس لحمية
الكبار فهي في ومن الأنف.
أهم أعراض إلتهابات الأنف والجيوب الأنفية المزمنة هو إنسداد بالأنف مع وجود إفرازات في البلعوم الأنفي.
قد يشكو البعض من أعراض آخري، وعادة ما تكون من الأعراض المسببة للإلتهاب، مثل الحساسية أو اللحميات الأنفية.
وقد يشكو المريض، أيضا، من سعال مزمن أو بحة أو رائحة كريهة بالفم.
تشخيص التهاب الأنف والجيوب الأنفية المزمن يعتمد طبعا علي الشكوي والفحص السريري.
وإستعمال المنظار في الكشف يساعد كثيرا في فحص الأنف بدقة إبتداء من مقدمة الأنف وحتي نهايته في البلعوم الأنفي.
علاج التهابات الجيوب الأنفية
علاج
التهاب الأنف والجيوب الأنفية المزمن يعتمد علي التشخيص السليم ومعرفة
الأسباب ومعالجتها وعادة ما نستعمل بخاخ الكورتيزون الأنفي وقد نضيف علي
ذلك مضادات الحساسية إذا كان للحساسية دور في الإلتهاب.
إن دور
المضادات الحيوية في إلتهابات الأنف والجيوب الأنفية ثانوي جدا وقد
نستعملها بعد عمل مزرعة تدل نتيجتها علي جرثومة معينة ونوع المضاد الحيوي
الملائم.
ويستمرالعلاج عادة لفترة طويلة وتتم مراجعة الحالة بعد ذلك وإذا كان هناك تحسن فيتمم الإستمرار في العلاج الدوائي.
إذا لم يستجب المريض للعلاج فيتم لحظتها عمل أشعة مقطعية للجيوب الأنفية وذلك لسببين.
الأول معرفة ماتبقي من الإلتهاب الذي لم يقضِ العلاج الدوائي عليه.
والسبب
الثاني هو التخطيط للتدخل الجراحي، ويتم هذا عادة في حدود أسبوع من تاريخ
الأشعة المقطعية والتي تكون مع الجراح في غرفة العمليات لأنها تعتبر
كالخريطة يدرسها قبل وأثناء العملية.
دور المنظار
عمليات الأنف والجيوب الأنفية تتم هذه الايام بالمنظار ونادرا ما نتدخل جراحيا من الخارج.
ومن
المهم التنويه هنا بأن عمليات المناظير هي عمليات جراحية عادة ما تتم تحت
مخدر كلي، وميزتها أنها تصل لغايتها بدون الحاجة للتعرض لأغشية آخري.
ويمكن للمريض الخروج من المستشفي في نفس اليوم حسب مقدار التدخل الجراحي.
المضاعفات والوقاية
إلتهابات
الأنف والجيوب الأنفية لها مضاعفاتها، ومن أهمها وأخطرها تعدي الإلتهاب
منطقة الأنف والجيوب الأنفية لتغزو العين أو المخ، ولكنها قليلة جدا.
الا ان التهابات البلعوم والحنجرة شائعة حالها كحال السعال المزمن.
الجراحية المنظارية للأنف والأجيوب الأنفية آمنة وناجحة.
ولكن شأنها شأن أي تدخل جراحي فهي محفوفة بالمخاطر والمضاعفات، ومن أخطر مضاعفاتها إصابة العين أو المخ.
اما الوقاية من إلتهابات الأنف والجيوب الأنفية، فهي الوقاية من نزلات البرد أو الزكام وعلاج حساسية الأنف ومسببات الآلتهابات.
ومن
المهم الإمتناع عن التدخين وتجنب الأماكن الملوثة والمزدحمة، ومراجعة
الطبيب إذا لاحظ المريض بأن الزكام الذي يشكو منه قد تجاوز الأسبوع.
يتخوف
الكثيرون من إستعمال بخاخ الأنف الكورتيزوني، ونحن نؤكد على أن الإستعمال
السليم لهذا البخاخ نادر المضاعفات ومن ثم يجب التقيد بالجرعة التي حددها
الطبيب والمدة الزمنية.
كما لاننصح بإستعمال نقاط الأنف العادية، التي تستعمل لإزالة إنسداد الأنف، لأكثر من أسبوع لخطورتها وخطر الإدمان عليها