تقدّم الرّبيع مزهوّاً عابقاً بأزكى أريج قائلاً :أنا الحرّيّة...أنا من يكشف الحجاب عن محاسن الطّبيعة
العصافير تغرّد مرحة هاجرة أعشاشها....العشّاق يتناثرون فوق المروج الخضراء....الأرواح طليقة....
النّفوس حرّة بهيجة تُودُّ التّحر من أسر الشّتاء...الأزهار تتمايل مع النّسيم العليل تعطّر الجوّ بعطرها
وتضفي بألوانها على الدّنيا مرحاً وسعادة....ألستُ أناحديقة الأرواح وشباب الزّمان....أهبكم الحرّية
دون أجر أفلا تمنحني أيّها الصّيف شكراً ؟
هرول الصّيف خفيفاً نافضاً عن كاهله كلّ أعباء الفصول يتمتمُ ضاحكاً : شكراً لك أيّها الرّبيع فلولاك
ما ازدهر شجري ولا أثمر....أنا خاتم الفصول....وكلُّ ما قدّمتموه يصبُّ في نبعي.....وأنا لن أنسَ
فضلكم ماحيت....فتأكلون في عهدي ما لذّ وطاب....فاكهتي وخضرواتي وثماري لاتُعدُّ ولا تُحصى
فضلاً عن أني أمتّعكم بالشّمس والبحر......ولكنّي والحقُّ يُقال أعتذر منكم عن بعض الحرّ الّذي
تعانون منه في فصلي.......
انتهى الاستعراض.....فتقدّمت الفصول جميعاً.....فالخريف أتى متاثّراً وقد تجلّى فيه أيلول بسديميّته
الخارقة...والشّتاء زمجر مودّعاً...والرّبيع تبختر ضاحكاً متباهياً بنيسانه....أمّا الصّيف فقد ترجّل معتمراً
قبّعته متلذّذاً بعض المثلّجات.....واحتفوا جميعاً............
في خضمّ هذا الاحتفال اختلطت مشاعري ولم أدرِ أي فصل أودّ................
****فياليت العالم يضبط ساعاته على إيقاع فصولنا.......فنزهر في الخريف.......ونهطل مطراً إذا
جاء الصّيف.....وتطير فراشاتنا ناشرة ربيعها عبر الشّتاءات الطّويلة******