عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ) رواه البخاري(142).
الشرح
نقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ) يعني أن الإنسان إذا كان من عادته أن يعمل عملاً صالحاً ، ثم مرض فلم يقدر عليه ، فإنه يكتب له الأجر كاملاً . والحمد لله على نعمه .
إذا كنت مثلاً من عادتك أن تصلي مع الجماعة ، ثم مرضت ولم تستطيع أن تصلي مع الجماعة ، فكأنك مصل مع الجماعة ، يكتب لك سبع وعشرون درجة ، ولو سافرت وكان من عادتك وأنت مقيم في البلد أن تصلي نوافل ، وأن تقرأ قرآناً ، وأن تسبح وتهلل وتكبر ، ولكنك لما سافرت انشغلت بالسفر عن هذا ، فإنه يكتب لك ما كنت تعمله في البلد مقيماً ، مثلاً لو سافرت وصليت وحدك في البر ليس معك أحد ، فإنه يكتب لك صلاة الجماعة كاملاً إذا كنت في حال الإقامة تصلي مع الجماعة .
وفي هذا تنبيه على أنه ينبغي للعاقل ما دام في حال الصحة والفراغ ، أن يحرص على الأعمال الصالحة ، حتى إذا عجز عنها لمرض أو شغل كتبت له كاملة . اغتنم الصحة ، اغتنم الفراغ ، اعمل صالحاً ، حتى إذا شغلت عنه بمرض أو غيره كتب لك كاملاً ، ولله الحمد . ولهذا قال ابن عمر : ( خذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك )(145)، هكذا جاء في حديث ابن عمر ، أما من قوله ، وإما من قول النبي عليه الصلاة والسلام، أن الإنسان ينبغي له في حال الصحة أن يغتنم الفرصة ، حتى إذا مرض كتب له عمله في الصحة ، وأن يحرص ـ ما دام مقيماً ـ على كثرة الأعمال الصالحة ، حتى إذا سافر كتب له ما كان يعمل في الإقامة . نسأل الله أن يخلص لنا ولكم النية ، ويصلح لنا و لكم العمل .