حياته
عبدالباري عطوان من مواليد 1950 هو صحافي فلسطيني مقيم في لندن، رئيس تحرير جريدة "القدس العربي" اللندنية. ولد عطوان في مخيم للاجئين بمدينة دير البلح في قطاع غزة وهو واحدٌ من أحد عشر طفلاً لعائلة تنحدر من أسدود، بعد الانتهاء من الدراسة الابتدائية في مخيم رفح للاجئين في غزة. أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في الأردن، عام 1967، ثم في القاهرة بمصر. وفي عام 1970 التحق بجامعة القاهرة. تخرج بتفوق من كلية الاعلام. ثم حاز دبلوم الترجمة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. بعد التخرج عمل لجريدة البلاغ في ليبيا، ثم جريدة المدينة في السعودية. وفي عام 1978 انتقل إلى لندن، حيث استقر، ليعمل في جريدة الشرق الأوسط و"مجلة المجلة" السعوديتان الصادرتان في لندن. في عام 1980 أنشأ مكتب لندن لجريدة المدينة، وفي عام 1984 عاد إلى جريدة الشرق الأوسط. وفي عام 1989 تم تأسيس جريدة القدس العربي في لندن وعـُرض على عبد الباري عطوان رئاسة تحريرها. ومنذ ذلك الحين يقوم برئاسة تحريرها.
[] كتبه[] القاعدة التنظيم السريعبد الباري عطوان هو الصحافي العربي الوحيد المقيم في الغرب، الذي حظي، إضافة إلى الكاتب البريطاني روبرت فيسلك، بفرصة لقاء أسامة بن لادن ومحاورته، بناء على طلب الأخير، في مخبئه في تورا بورا. وهو في هذا الكتاب يروي بعضاً من يوميات زعيم تنظيم "القاعدة" وطريقة عيشه، فضلاً عن تطلعاته المستقبلية وخلفيات نقده عدداً من الأنظمة العربية. ويتطرق إلى علاقة بن لادن بكل من أيمن الظواهري وأبي مصعب الزرقاوي وسواهما. يسلط هذا الكتاب الضوء على دور "القاعدة" في العراق منذ ما قبل الغزو الأميركي إلى اليوم، ويغوص عميقاً في تحليل الاستراتيجية العسكرية والسياسية والاقتصادية التي يرتكز عليها التنظيم، وأول أهدافها القضاء على المشروع الأميركي للمحافظين الجدد. كذلك يظهر الدور الذي يضطلع به "القاعدة" في أوروبا طريقة عمل شبكة خلاياها واتصال بعضها ببعض. ويبين أسباب عجز الاستخبارات الغربية عن كشف الهجمات قبل حدوثها. ويذهب المؤلف أبعد من ذلك، فيعدد الأخطاء التي اقترفتها "القاعدة"، وأبرزها فتوى تجيز قتل الصليبيين واليهود. كتاب أحدث رجة مدوية لدى صدوره، فنقل إلى بضع لغات، ولا تزال قراءته مفيدة وممتعة.
[] وطن من كلماتصدرت عن دار الساقي للنشر في لندن الطبعة الأولى من مذكرات عبد الباري عطوان "وطن من كلمات". كما وضع عطوان عنوانا آخر يوجز مضمونه وهو: "رحلة فلسطينية من مخيم اللاجئين إلى الصفحة الأولى". ويهدي عبد الباري رحلته التي بدأت مصاعبها القاسية بقسوة صقيع الشتاء في مخيم دير البلح، في قطاع غزة إلى "الأطفال اللاجئين في العالم كله، خصوصا أطفال المخيمات في فلسطين والمنافي". كما يخص بإهدائه في الوقت نفسه الكاتبة الراحلة مي غصوب، إذ "لولا إلحاح مي غصوب واقناعها لما كان لهذا الكتاب أن يصدر". ويقع الكتاب في 271 صفحة يسجل فيه عطوان محطات بارزة في رحلته الصعبة من مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة، إلى المشاركة في صنع الصفحة الأولى لصحف عربية عدة، من "البلاغ" الليبية، إلى "المدينة" السعودية، ثم "الشرق الأوسط" اللندنية، حتى "القدس العربي"، اللندنية أيضًا التي أمضى فيها تسعة عشر عاما في تجربة مهنية وإعلامية متميزة. "وطن من كلمات" موجه إلى جمهور يقرأ بالانجليزية، لذا يقول عطوان إن تفاصيل مهمة من مذكراته سوف تتضمنها النسخة العربية التي لا يعرف متى سترى النور. أما بالنسبة للنسخة الإنجليزية فهناك ثلاث دور نشر عالمية، كندية وفرنسية، وإسبانية، أبدت اهتماما بشراء حقوق النشر. الغلاف الأخير للكتاب شهادة من الكاتبة بولي توينبي تتفق فيها مع تصور الكاتب لما قدمه في كتابه، تقول: "إن هذا التصوير للحياة والأوقات التي عاشها صحفي مميز، يوفر رؤية داخلية للعالم كما يراها شخص ولِد وتربى في معسكر لاجئين فلسطينيين في غزة. إن الصوت الموثوق لعبد الباري عطوان، وكتابته التصويرية الحادة، يعيدان إلى الحياة طفولة مليئة بالأحداث وسط صعاب وأحداث مأساة منطقة الشرق الأوسط".
[] أسلوبهمقالات عبد الباري عطوان ولقاءته التلفزيونية تتميز بالصراحة التي تثير العديد من المسائل الخلافية، فترضي الكثير وتثير أعجابهم وتغضب الكثير. ولئن يعتبره البعض قاسياً، يعتبره البعض الآخر بطلاً وصوتاً معبرا عن مشاعر الجماهير العربية المسحوقة والصامتة. وكثيرا ما يظهر الأستاذ عطوان على شاشات الفضائيات العربية والاجنبية، ولاسيما على شاشة الجزيرة. وكان عبد الباري عطوان آخر من قابل أسامة بن لادن وظل ينعته "بالشيخ بن لادن"
[1] حتى في المقابلات مع الاعلام الغربي
[بحاجة لمصدر].
[] أنشطته المهنيه[] تحرير جريدة القدس العربياستمرار جريدة القدس العربي منذ عام 1989 هو انجاز معتبر لأي صحيفة تصدر في المهجر. وبالرغم من منع توزيعها في بعض الدول لفترات مختلفة إلا أن الجريدة نجحت في تنمية عدد قرائها، وقد ساعد في ذلك استعمالها المبكر للنشر المجاني على الإنترنت وكذلك طاقم التحرير الضئيل.
[] جوائزهرشح الصحافي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير "القدس العربي" اللندنية، لعضوية لجنة تحكيم الجمعية الملكية للتلفزيون في بريطانيا، ليصبح بذلك أول عربي يترشح لهذا المنصب. يُذكَر ان الجمعية الملكية للتلفزيون تتولى تقييم الاعمال التلفزيونية، البريطانية والدولية، وتمنح جوائز سنوية للاعمال الفائزة، وتعتبر من أهم الجوائز على المستويين المحلي والعالمي. وتشمل قائمة الجوائز الممنوحة مجالات تغطية الأخبار المحلية والدولية، أفضل برنامج أخباري، القناة الأخبارية للعام، أفضل مذيع أخباري، اصغر صحافي للعام، أهم قصة أخبارية، وغيرها من الجوائز الخاصة بالأخبار، والتي تعتبر محط انظار اغلب الاعلاميين في العالم.
حصل على جائزة التواصل الثقافي شمال- جنوب لسنة 2003 مناصفة مع إيغناسيو راموني, من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية (شعبة السياسة) بجامعة لندن.
[] مساهماتهساهم في تأطير العديد من الورشات حول الشرق الأوسط بالجامعات البريطانية كما بالجامعات العربية. ساهم في العديد من الدورات السياسية حول قضايا الشرق الأوسط بالعالم العربي كما بالغرب. متحدث ممتاز وبدون كلل لفائدة القضايا العربية ب "CNN" كما ب "سكاي" و"ITN" وال "PBS" الإذاعية والتلفزية. من اشد الداعمين والمدافعين عن القضية الفلسطينية والقضية العربية ومن اشد المنتقدين للأعداء والمتآمرين حكاما كانوا أو غير ذلك.
[] يتمني الا تقرأ زوجته هذا الحواريتمني الا تقرأ زوجته هذا الحوار عبد الباري عطوان:ولدت في جمهورية الفقر والجوع والانيميا ذاكرة مليئة بالحكايا والقصص، لطفل اسمه عبد الباري عطوان، ولد بخيمة في شهر شباط (فبراير) عام 1950 في دير البلح الصغيرة والجميلة القابعة علي البحر المتوسط، بين نخيل شامخ وباسق، نخيل علمه الشموخ ورفع رأسه عاليا، عاش طفولة بائسة وفقيرة لكنها في رأيه متميزة وعادلة، حيث الجميع متساوون في الجوع والمعاناة والانيميا، ملابسه وملابس سواه في المخيم مما كانت توزعه وكالة الغوث، والمدرسة التي التحق بها وأقرانه هي ذاتها، ولأنه ـ كما يقول ـ ابن مخيم كان لزاما عليه ان يقاتل كل شيء، حتي الوطاويط علي حبة البلح، كان يجري ورفاق الطفولة وراء عصفور محاولين امساكه، ويركضون وراء الصيادين لاختطاف سمكة منهم. ضمن ثقافة تدعي ثقافة المخيم عاش الناس ذات المحن وذات الظروف، وكأن جمهورية المخيم كانت مثل جمهورية أفلاطون لكن في الفقر وفي الجوع والمرض وأكل السردين باعتبار انه الارخص، والتمر الذي توزعه وكالة الغوث، وبقدر ما تركت أثرها فيه، فقد علمته المثابرة والكفاح من أجل لقمة العيش، لكنها خلفت في اعماقه عقدة الخوف من المستقبل والجوع، في ظل غياب خيارات العمل. من بلدة علي البحر المتوسط تدعي سدود أو أشدود والتي يقال عنها انها كانت أقدم ميناء في التاريخ، نزح اهله كما بقية الفلسطينيين بعد حرب 1948 باتجاه دير البلح، تحت تهديد سلاح الجنود الإسرائيليين، حاملين معهم القليل القليل علي امل العودة التي لم تتحقق، فكبر سؤال داخله: كيف لاناس آمنين وبسطاء الي حد السذاجة ان يعاملوا بتلك الطريقة الوحشية والبشعة. أب وأم وسبعة ذكور وثلاث اناث كلهم عاشوا في خيمة، ولو ان والده لم يمت وعمره 42 عاما لكان عددهم 20 الي 25 ولدا، حيث الطموح آنذاك كان الانجاب. كانت عيون أبي زايغة، ويبدو انه كان حاطط عينو علي أرملة، وعندو مشروع زواج منها، كنت أشوفو دائما يصيبه الحبور والانبساط عندما تمر، وقد تعطرت أكثر من اللازم، صحيح كان عمري 14 عاما لكني فهمت ان والدي عاشق، الا ان القدر لم يمهله، كان ابي يحبني كثيرا لانني كنت متفوقا في الدراسة، لكنه في الوقت نفسه كان يضربني كثيرا لانني كنت متمردا وعنيدا وارفض بعض قراراته وأجادله فيها، وعلي ذمة والدتي انه كان يقول لها إذا بينفع في اولادك واحد فهو عبد الباري، ولأنني الأوسط كنت احظي بالضرب بينما الكبير والصغير يحظيان الدلال، لكن يبدو ان الضرب أثمر بدليل انني وصلت الي ما انا عليه اليوم، ثم غرق محدثي في ضحكة عميقة وكأنه استعاد كل المواقف، فنهضت ذاكرته حية من جديد، واسترسل في الكلام المباح.
[] في دير البلحللحديث عن الام شجون خاصة، فهي شمعة العائلة وزينة الدار، جهة القلب وتاج الرأس، تتعب.. تسهر.. تعد ايام عمرها من خلال عمر أولادها: كان علي امي تربية عشرة اولاد في ظل غياب أبي الذي تركها في عز صباها، في ثلاثينيات عمرها، عانت كثيراً من أجلنا، كانت امي خفيفة الظل ولانها تتقبل المزاح كنت أناديها باسمها وتحببا يا ظريفة أمي امرأة عظيمة ككل النساء العظيمات، وإنسانة ذات قدر كبير، تحملت التعب وشظف العيش، عاشت في المعسكر وماتت فيه، لم تكن تجربتها سهلة لهذا لم تستمتع بحياتها، ورغم أننا حاولنا توفير اجواء الراحة لها الا ان هذا جاء متأخرا، كان علي امي ان توزع الحب والحنان علي عشرة اولاد، كل واحد ينتظر دوره ليحظي ببعض من هذا الحب وذاك الحنان، امي مثل اي ام فلسطينية رائعة تغسل وتطبخ وترعي عشرة اولاد، والمعيل الوحيد بعد وفاة ابي هو أخي الذي كان قد تعاقد للعمل بالتدريس في السعودية، أذكر ان امي ربت الحمام والدجاج وجلبت الماعز لتوفر لنا الجبن واللبن، كنا نتقاسم زغلول الحمام وورك الدجاجة، حقا لعبت دورا كبيرا في حياتنا وكانت تعمل من لا شيء شيئا وتحاول تغذيتنا بشتي الطرق والوسائل، حيث لم يكن بمقدورها شراء اللحم من السوق. كانت الاحذية بالنسبة لنا كأطفال مجرد قيد، ليس لاننا نملكها ولا نريد انتعالها، بل لان اقدامنا لم تعتد عليها، ولم نكن نملك نقودا لشرائها، انا مثلا لم البس حذاء الا عندما أصبح عمري ست سنوات، ليس لانني كبرت، بل لان قانون المدرسة فرض علي الطلبة عدم الذهاب إليها حفاة، كنت قد ورثت حذاء عن أخي الأكبر الذي اخذه من الاونروا التي كانت تعطي أحيانا مع الملابس احذية، بقي هذا الحذاء مدة طويلة ربما لجودته، أو لان مهمته كانت محصورة بانتعاله أثناء الاصطفاف في الطابور فقط، بعدها اخلعه واضعه في الحقيبة، كلما صغر الحذاء علي قدمي أحدنا ينتقل بشكل اتوماتيكي الي الاخر، لكن بشكل عام تسطحت اقدامنا بسبب السير حفاة، وبسبب الحذاء الضيق.
[] بداية الوعياعطيات الاونروا كانت مثل هدية ثمينة، فيها يجد أبناء المخيمات فرصة لستر اجسادهم النحيلة، كانت هذه الاعطيات رغم عيوبها تفرح اي طفل أو اي شاب أو رجل، لانها غالبا غير مناسبة ومضحكة، ومن الممكن ان يرتدي رجل سترة نسائية أو قيمصا نسائيا دون أن يعرف ذلك، المهم عنده ان يحمي جسده من البرد. وبين كوميدية المواقف وتراجيديتها كان ينتقل بسرعة من خلال حركات وجهه ويديه أو بقهقهة وربما بابتسامة ساخرة: كنا مساكين فقراء، نرضي بان تتحول اكياس الطحين التي كتب عليها هدية من الشعب الأمريكي ليس للبيع أو المبادلة الي شراويل لتأتي الكتابة والحبور بهدايا لم يكن هناك بديل عنها، آنذاك لم تكن عند اي واحد منا نزعة عداء تجاه الامريكان فالموقف الأمريكي عام 1956 من أزمة السويس كان جيدا، ذا اجبر الإسرائيليين علي الانسحاب من قطاع غزة الذي انتمي اليه، بل كان العداء لبريطانا وفرنسا، اي للدول التي استعمرتنا وساعدت في تشريدنا، كما أن للانروا فضلا علينا لانها كانت تقدم لنا شهريا الزيت والسكر والتمور والاجبان، وتعمل لنا تغذية اضافية، فنختار ضعاف البني من الاطفال والذين يعانون من الانيميا ونوفر لهم وجبة يومية أثناء الدراسة، ولانني كنت ضعيف البنية كنت ضيفا مزمنا علي هذه التغذية البيتية، وفقر أب يعاني من قرحة معدة توفي بسببها. سن الثانية عشرة كانت جيدة لبدء تلمس الوعي السياسي، فشقيقه الأكبر كان مدمن قراءة الجرائد والمجلات القديمة التي يشتريها ويأتي بها الي البيت، لتتوافر لعبد الباري فرصة القراءة، بدءا من موضوعات الفن والفنانين مثل كل الناس، مرورا بقراءة التحقيقات السياسية، وانتهاء بعيون الادب العالمي المترجمة مثل البؤساء لفيكتور هيغو والعجوز والبحر لهمينغواي والجريمة والعقاب لدوستويفسكي التي كانت معقدة بالنسبة له وهو في سن الخامسة عشرة، فقد عاني من اجل فهمها واكمالها، ومن ثم التفاخر امام اصحابه بأنه اكملها.
[] الطريق الي عمانعام 1967 عندما اندلعت الحرب فضلت له عائلته مغادرة فلسطين متوجها نحو الأردن لمتابعة دراسته واعالتها بعد حصوله علي وظيفة، فعائلته لا تريد ان تخسره، ولا تريد ان يكون ابنها جزءا من تاريخ ربما يعاد ثانية، أي حينما احتلت إسرائيل قطاع غزة وقامت بعملية تصفية الذكور من سن السابعة عشرة الي سن الخمسين كي لا يصبحوا فدائيين، وهكذا ترك أهله ووطنه، وصورة كانت عالقة في ذاكرته عن ابنة الجيران التي أحبها بداية مراهقته اي عندما كان عمره حوالي 14 عاما، صبية في عمره ليست جميلة وقصيرة القامة، فالحب اعمي كما يقول، الا انه فشل في لفت نظرها، رغم أنه حاول مغازلتها ومحادثتها وكتابة الشعر لها. ذهب اهلي الي الاسكافي وطلبوا منه وضع 30 جنيها في نعل حذائي، ثم رافقني عمي الي موقف الباص لاذهب الي عالم مجهول مخيف ليس لي فيه اصحاب واقرباء، المهم وصلت الي عمان ونزلت في الفندق العربي الذي يمتلكه سوري قومي، تعاطف معي واعطاني سريرا علي السطح بسعر زهيد، عندما نمت ربطت قدمي بالسرير لان امي اوصتني الا اسكن في ابنية عالية كي لا امشي أثناء النوم وأقع، لاني كنت اعاني من هذه المشكلة، ورغم أنني جئت من اجل اكمال دراستي الا انني لم التحق بالجامعة لان التعليم فيها مكلف، فاضطررت للعمل بعد ثلاثة ايام من وصولي في الشركة العربية للمعلبات، وتقاضيت من أول مهنة في حياتي 30 فلسا في اليوم، كما كنت اكسب عشرة فلوس اخري إذا عملت ساعات اضافية، لاعيش واشتري بعض المجلات والكتب مثل الاسبوع العربي والحوادث والطليعة والكاتب من سوق السيل الشعبي، وارسل لاهلي مصروفا، في حين كنت احرص يوم الجمعة علي دخول السينما، والاستمتاع بوجبة في مطعم شعبي اسمه الهنيني، بوجبة الكفتة بالطحينة الدسمة جدا، والرخيصة أيضا ربما لانها مصنوعة من الكرشة والامعاء. في عمان رأي ان أبناء المخيم فيها أكثر رقيا من أبناء مخيمات فلسطين، حيث بامكانهم الحصول علي فرص عمل في عاصمة مزدهرة، في حين ان امثاله القادمين من مخيمات فلسطين يعيشون الظروف الاسوأ، كان يري كمراهق ان بنات مخيم عمان أنظف، واكثر اشراقا، خدودهن متوردة، يلبسن البنطال ونصف الكم، وبلوزات ضيقة ويبرزن مفاتنهن، وهذا ما لم يعتد عليه بين بنات مخيم دير البلح المسكينات اللاتي يعانين من الانيميا، فالفوارق الطبقية كانت موجودة وفاضحة بين الفلسطينيين، لهذا لم يفكر حتي بالنظر الي فتاة من طبقة تختلف عنه، ورغم أنه اليوم رئيس تحرير صحيفة الا ان أبناء الطبقة الغنية من الفلسطينيين لا تعترف به كما يشير، صحيح انهم يجاملونه، لكنهم وكما يشعر يصفونه بالفلاح واللاجئ، وهو في المقابل يتساءل من هؤلاء الاغنياء حتي يكونوا أفضل منه. وفي السنة الثانية من وجوده في عمان عمل سائقاً في أمانة العاصمة، حيث لم يتخيل يوماً أن يبقي مجرد عامل، كان مستمتعاً كمراهق في عمله الذي أشعره أنه أصبح محط اهتمام بنات الجيران، لدرجة أن واحدة منهن حاكت له بلوفر صوف مكتشفاً فيما بعد أنها حاكت خصلة من شعرها مع الخيوط، ورغم أنه أصبح بالنسبة للفتيات مشروع عريس إلا أنه قاوم المغريات وما أكثرها.
[] الرحلة في اتجاه مصروصل شقيقه الأكبر خريج جامعة المنوفية قسم الهندسة الزراعية إلي عمان قبل أن يسافر إلي السعودية التي تعاقد فيها للعمل في نجران التي كانت بدائية جداً، محتملاً الحياة الصعبة والظروف القاسية من أجل أهله، مضحياً بجماله ووسامته، علماً أنه كان محباً للحياة والرقص والدبكة والتدخين، فحبه للحياة جعله يرفض الزواج إلي أن توفي.. ولأنه مؤمن بي بشكل غير عادي، فقط طلب مني إكمال تعليمه وتحقيق طموحه في مصر، فسافرت إليها عام 1969. عملت لجوءاً إنسانياً عند ابن خالتي في الإسكندرية، حاملاً معي كمية من الارز والسكر، وحصلت علي البكالوريا من مدرسة العروة الوثقي التي أسسها جمال الدين الأفغاني، فيها عشت أجمل أيامي الدراسية، حيث أعفيت من طابور الصباح لأنني فلسطيني، كما كلفت في كل مناسبة وطنية بكلمة فلسطين علي أساس أنني المناضل الكبير عبد الباري عطوان، وانا متأكد انها لم تكن كتابتي عظيمة، لكن المقاومة كانت في اوجها، كل ما اذكره انهم كانوا يصفقون لي كثيرا، ويجلسونني في الصف الأول، ثم التحقت بكلية الاداب في القاهرة قسم الصحافة متحديا رغبة اهلي ومحيطي، الذين رؤوا انه لا جدوي من دراستي في ظل غياب الدولة الفلسطينية والصحافة الفلسطينية والعربية، لم استسلم لانني شعرت ان الصحافة هي الوحيدة التي تكسر الفوارق الطبقية، وان هذه المهنة هي نافذتي، والصحافي هو الوحيد الذي باستطاعته مقابلة الشخصيات الكبيرة مثل الوزراء والرؤساء والملوك، معتبرا ان في داخلي امورا كثيرة يجب الا تموت، بل لا بد ان اعبر عنها. الناس ايامها كانوا يخافون من كلمة صحافة لانها برأيهم مرتبطة بالسياسة والأنظمة والقمع والاعتقال والموت، كان اهله خائفين الا يجد ابنهم عملا، وكي يبدد هذا الخوف ويضمن مستقبله انتسب الي جانب قسم الصحافة للجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة الترجمة، كماحصل علي رخصة قيادة، لم يكن يريد يوما ان يبدو امام من تحداهم فاشلا في حال لم يجد فرصة في الصحافة، كما أنه حرص منذ البدايات ان يكون صحافيا مستقلا، فرفض عرض مسؤول اتحاد الطلبة العمل في الاذاعة الفلسطينية، حين كانت فتح اقوي التنظيمات وتمتلك امكانيات كبيرة ومالا كثيرا، ورفض لانهم كانوا يريدون تجنيده وتنظيمه وهو لا يريد، رغم حاجته الماسة للمال. كنت أفضل البقاء إنسانا حرا، لست منتميا الي اي تنظيم أو فصيل، وهذا ما انا عليه الآن، صحيح انني عضو مجلس وطني فلسطيني مستقل، لكني والله لم اترشح ولم اختر ذلك بل قرأت اسمي في الصحافة ككل الناس بعد ان اخبرني مراسلنا في عمان عام 1989. وبشكل عام كنت اقرب للجبهة الشعبية فكرياً ببعدها الأممي، من فتح المعتدلة ذات البعد الإقليمي، بل اقرب للتطرف، فأين يكون تطرف انا معه، والي الآن ما زلت كذلك لهذا انخرب بيتي. الرحلة الي مصر ام الدنيا بالنسبة له نهاية الستينات وبداية السبعينات كانت بمثابة انعتاق، وعودة للسياق الطبيعي اي للمهمة التي خرج من اجلها من فلسطين، اما القاهرة فهي الوعد الجديد بالثقافة والحلم بالعلم وحمل شهادة جامعية للارتقاء بنفسه وبعائلته، وهذا ما حدث. خرج من مصر بشهادتين، واحدة في الترجمة والاخري في الصحافة، كما اكتسب مخزونا كبيرا من الثقافة، فقرأ واطلع وتابع المسرح الخاص والعام، وتعرف الي اصدارات الاهرام والأخبار ودار المعارف الشهرية من الكتب. اذكر انني في اخر سنة صحافة، كان عندي تدريب في دار الهلال في مجلة المصور، فسألني المشرف عن الاماكن التي احب التدرب فيها فأجبته انني اريد القسم الفني، قال لي يا راجل انت فلسطيني وعيب تكون محررا فنيا بل سياسيا، اجبته: لاني سأكون مستقبلا في القسم السياسي، لهذا اجد ان هذه فرصتي الوحيدة للتعرف علي هذا العالم، وهذا ما كان، ايامها كانت ليلي حمادة وصفية العمري وهاني شاكر ونيللي، وعملت عنهم مواد صحافية فأخذها مشرف اسمه ممدوح أبو زيد ونشرها باسمه بعد اجراء بعض التعديلات، لانه يوجد في مصر ديكتاتورية الأسماء، وبيروقراطية غير عادية، فاسم رئيس التحرير ينزل ببونط 16 مثلا، واسم نائبه ببونط 14، والصحافي الجديد بونط 9.
[] الكاتب الكبيراكمل دراسته، وانتهت اقامته، كما أنتهي ايجار الشقة، وكان لزاما عليه ان يغادر القاهرة، فقد طلب منه الرحيل لانه كان مشاغبا ويكتب ضد النظام وضد السادات ايام المد الثوري في الجامعة وتحديدا سنة الضباب، ومن رموز الحركة الطلابية آنذاك، محي الدين الصباحي. لم تكن امامه خيارات كثيرة، الي ان جاءته فرصة ايصال سيارة الي ليبيا وتحديدا الي طرابلس شرط ان يقودها بما انه سائق محترف، حين وصل مع صاحب السيارة الذي اعطاه 10 دنانير شفقة، توجه الي اوتيل يعمل بنظام الدور، بحيث ينام سبع ساعات فقط، ليأتي غيره وينام علي الفراش نفسه سبع ساعات وهكذا. تقدم للعمل في الصحافة الليبية فلم يقبل لان كل السياسيين العرب هناك صاروا صحافيين، لدرجة تحولت معها الصحافة هناك الي صحافة مقالات. مرة اخري عمل لجوءا إنسانيا عند ابن عمه في غريان التي تبعد 90 كم عن طرابلس، فعرفه علي صديق يعمل في جريدة البلاغ التابلويد، طالبا منه كتابة مقالات مقابل مبلغ معين، حينها وجد عبد الباري في جريدة التايمز التي اشتراها من طرابلس معلومات عن تسليح أمريكا لايران، فكتب مقالة هاجم فيها الشاه بعنوان ماذا تهدف أمريكا من وراء تسليح شاه إيران، وذهب ليسلمها الي الجريدة، لكن قيل له ان التعليمات تقضي بمنع الهجوم علي الزعامات الإسلامية، ترك الصحافي المبتديء انذاك المقال الذي كان فاتحة خير عليه وخرج غاضبا. بعد يومين كانت الدنيا مقلوبة، بعد نشر المقال في صفحة كاملة من جريدة البلاغ والعنوان ببونط احمر كبير، وبعد ان نقل كل من التلفزيون والاذاعة ما جاء في مقالي، قائلين انه بقلم الكاتب الكبير عبد الباري عطوان، راجعت الجريدة لأعلم ان رئيس التحرير يبحث عني. حين قابلته طلب ان اختار بين العمل معه أو مع صديقي عبد الرحمن شلقم وكان ايامها رئيس تحرير مجلة الوحدة العربية، أو مع جريدة الفجر الجديد وبرواتب عالية، وانا كعادتي اخترت الجريدة المغضوب عليها، اي البلاغ علي أساس انها التي اهتمت بمقالتي. بعد سنة كنت في زيارة أخي في جدة، وهناك حصلت علي فرصة عمل في جريدة المدينة، لكن عندما تقدمت إليها قيل لي انهم لا يعترفون بالشهادات، بل يريدون محررا مترجما، واذكر ان سباعي عثمان هو من اختبرني. بعد اربعة ايام من الاختبار اوصي بتعييني علي أساس ان لغتي العربية والانكليزية جيدة، وما ان أصبحت وسباعي صديقين حتي اكتشفت انه لا يعرف الإنكليزية، فسألته علي اي أساس قيّم عملي، اجابني: لغتك العربية ممتازة. بدا ضيف الحوار وكأنه استعاد الموقف بكامل تفاصيله وضحك متمتما. عندما تغير رئيس تحرير المدينة حاول الحرس القديم التآمر علي الرئيس الجديد فتعاطف معه عبد الباري واظهر تعاونه، لانه وجد فيه الرجل العلمي والعملي والمهني. بعد شهرين اخبره انه يريد الذهاب الي الإمارات التي كان يجدها أفضل من السعودية فهي أكثر انفتاحا وراحة، لكن رئيس التحرير أبدي رغبته في بقائه معهم. سألني حينها عن راتبي، لاخبره انني لم اتقاض اي مبلغ منذ ان عملت في الجريدة، فطلب مني تحديد المبلغ الذي اريده، ورغبت في مهلة لاسأل أخي الذي يتقاضي 700 ريال، فقال لي اطلب 1500 ريال وبدل سكن شهرين، وفي اسوأ الأحوال يعطوك الفا، عدت لرئيس التحرير وقلت له والله انا اقل من 1500 ما باخذ وكمان بدي شهرين بدل السكن، فأخبرني ان بامكاني مراجعة الشؤون الادارية في اليوم التالي لتوقيع العقد، وكاد يغمي علي حين وجدت الراتب 3000 ريال، وبدل سكن اربعة أشهر و500 ريال بدل مواصلات، مع احتساب المدة التي عملتها، عدت الي أخي ومعي حوالي 25000 ريال، فاشتريت له مكيفا وثلاجة وجهاز تلفزيون، صرت فيما بعد اعطيه راتبي بعد اقتطاع جزء منه، مصروف سيارتي المازدا الكحيانة.
[] الشرق الأوسط والقدس[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]القدس العربي
مع الايام تحسن وضع الجريدة وزاد توزيعها ودخلها الاعلاني عشرة اضعاف، لكنه شعر انه زهقان لهذا صار يكتب بجرأة ليطاردوه ويتغير ايقاع حياته الرتيبة، من خلال عمود يومي سياسي استلمه بدلا عن زميل تعرض للمرض، اعجب القراء بكتابته وهكذا بقي صاحب العمود الجريء الذي عمل ضجة ايام كانت أحداث لبنان مشتعلة والمقاومة في عزها. لم يخفف عطوان من جرأته وحدته حتي عندما وصل رئيس البرلمان اللبناني حسين الحسيني الي السعودية في زيارة رسمية، وقام الأخير بشتم المقاومة، حينها هاجمه في مقال اعتقد الناس من خلاله انه مدعوم ومحمي، وعلي هذا الأساس بامكانه الكتابة عما يريد، علما انه حينها لم يكن مقيما شرعيا في البلد. ذهبت الي لندن بعد تعاقدي مع الشرق الأوسط وحين وصل وزير الاعلام آنذاك محمد عبده يماني إليها طلب مقابلتي، فذهبت للقائه فقال لي احسن قرار سمعته في حياتي هو انك جئت الي لندن لانني كنت خائفا ان يطلب مني ترحيلك، ونحن نحب كتاباتك، نعم اعترف اليوم انني كنت مجنونا آنذاك اكتب بشكل غير مألوف في بلد محافظ. وأخيرا وصل عبد الباري في الثمانينات الي لندن، ذاك الصحافي الفلسطيني الذي اسس لنفسه حضورا في مصر وليبيا والسعودية، حاملا خوفه معه، من الاعتقال والبوليس، وخنق الحريات، ولم ينسحب هذا الخوف منه الا بعد حصوله علي الجنسية البريطانية، ليدرك حينها ان احدا لن يهدده بسحب جنسيته، ويطارده، أو يعتقله دون سبب، وليتأكد انه أصبح مواطنا حرا. بقيت في الشرق الأوسط الي ان ظهرت فكرة القدس العربي المشروع الفلسطيني، ايام كانت منظمة التحرير والانتفاضة في عزهما، وفترة اعلان الدولة الفلسطينية عام 1988، حيث قرر اصحاب جريدة القدس المحلي اصدار طبعة دولية واختياري لاكون رئيس تحرير لها، من هنا رأيت انه علي هذه الجريدة ان تكون قفزة اعلامية حقيقية، كما قررت من اليوم الأول ان تكون مختلفة، ليست جريدة نظام، بل جريدة العرب، بعد سنة دخل صدام حسين الي الكويت فأخذت موقفا معاكسا للغالبية الساحقة اي ضد أمريكا والمشروع الأمريكي الذي كنت اعرف انه سيدمر المنطقة العربية، في البداية امسكت العصا من منتصفها، وطالبت بوجود حل بين العراق والكويت، لكن عندما صدر قرار الجامعة العربية، ووصلت القوات الأمريكية كتبت افتتاحية قلت فيها نحن نحب الكويت لكننا نحب العراق أيضا. وان القوات الأمريكية جاءت لتحتل العراق وتهين الشعب العربي. ونحن في هذه الحالة ضد الخندق الأمريكي.
[] خارج السرببدأت معركة رئيس تحرير القدس العربي مع الأنظمة لأنه غرد خارج السرب، ولأنه كان دائماً مع المعسكر الخاسر، ففي قناعته أن 80% من الشارع العربي مع هذا المعسكر، ضد المعسكر الثاني الأثقل لأنه ضم دول الخليج حيث الثقل المادي، ومصر الثقل البشري الضخم والتاريخي وسورية الثقل الثوري، هذا المعسكر الذي أشعل الحرب ضده، وحطموه كما يقول، فكان أكثر من هوجم في الصحافة العربية الكويتية والمصرية، وهو علي قناعة أنه اتخذ الموقف الصحيح أي موقف الشارع العربي وأنه ظلم كثيراً، وإلي الآن ما زال متمسكاً بموقف الشارع، وما زال مظلوماً.
[] بن لادنفي نوفمبر عام 1996 التقيت أسامة بن لادن في جبال تورا بورا، كان بسيطاً جداً ومتواضعاً جداً، يأسر القلب بأدبه وتواضعه وبلطفه الجم، كان خفيض الصوت لا يكذب أبداً، وكان طويلاً، تم اللقاء بعد أن أرسل لي من خلال ممثله الرسمي في لندن خالد الفواز، والذي أخبرني أن أسامة يرغب بلقائي، فهو يجب كتاباتي، ترددت في البداية، وتساءلت لماذا أذهب إلي أفغانستان حيث الحرب الأهلية والفوضي، كنت خائفاً من غياب الأمن والأمان، ومن الموت، ثم ما هو السبق الصحافي الذي سأحققه، حقيقة لم يكن عندي فضول أو رغبة بأن يقال عني بطل، فأنا أولاً وأخيراً رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة، كل ما كنت أعرف عنه أنه ضد الأمريكان ويريد إخراجهم من الجزيرة العربية، وأنه مع الإصلاح في السعودية، ورغم كل المخاوف التي سيطرت علي قررت الذهاب كي لا أصف نفسي أو يصفني الآخرون بالجبن، ولا أخفيك بأنني لم أخبر زوجتي، كما لم أتوقع العودة حياً، كانت المسألة مرعبة والطريق خطرة والرحلة شاقة بكل المقاييس، فبعد وصولي إلي بيشاور تم تهريبي عبر الحدود وحقول الألغام، إلي أن وصلت إلي جلال آباد فأقمت مع ثلاثة سواي في فندق مهجور بلا ماء أو كهرباء أو أكل، بعد ثماني ساعات من السير في جبال تورا بورا وصلت وبقيت معه يومين في كهف مدفأ بأنابيب يمر فيها البخار، علي ارتفاع 3000م، وفي درجة حرارة 25 تحت الصفر، فطورنا خبز مع شاي حلو جداً وخمس بيضات لعشرين شخصاً، الغداء بطاطا مع صلصة طماطم مع الدهن وقليل من الأرز والخبز، والعشاء جبنة معفنة، عندما صحوت في الليلة الأولي لصلاة الصبح سألتهم عن الحمام فقالو لي هل تعتقد أنك في الشيراتون، فذهبت خلف شجرة وتوضأت بماء بارد فكدت أتجمد من البرد، يومان وأنا مع الرجل الذي تمني الموت فمرارته غير عادية من الأمريكان لأنهم استخدموه مع المجاهدين العرب، ثم تركوهم وخدعوهم، واليوم أحمد الله أنني ذهبت للقائه لأنها نقطة تحول تاريخية في حياتي المهنية والإنسانية، لهذا أتمني لقاءه ثانية لكنني اليوم أخاف، خاصة أنه دعاني بعد شهر من أحداث نيويورك، وهذا الكلام أقوله للمرة الأولي، لكني فضلت عدم الذهاب فلربما تبعني الأمريكان وقتلونا كلنا، ولو قتل وحده لقيل إنني خدعته، ودللت الأمريكان علي مكانه، وفي الحالتين خراب بيت، بعدها اختفي أسامة، وأعتقد أنه في مكان آمن خارج أفغانستان، لأنه ذكي ويعرف المنطقة جيداً، بدليل الأشرطة التي يصورها.
[] ناجي العليناجي العلي كان صديق عبدالباري أيضاً فكلاهما جاء من المخيم مع اختلاف الأمكنة، كان ناجي يطمئن إليه، فيلتقيان دائماً، ويتحدثان رغم حدة آرائه ومواقفه، وعندما استشهد، عمل عطوان بياناً موقعا من الصحافيين ادانوا فيه الجهة التي قتلته مع التلميح لمنظمة التحرير، علما ان روايات اخري تقول ان إسرائيل استغلت غضب المنظمة عليه التي كانت متضايقة جدا منه، وتحديدا الرئيس عرفات، ويستحضر من ذاكرته حدثا عندما اتصل أحمد عبد الرحمن به ورجاه ان يحذر ناجي ويطلب اليه ان يتوقف ويكف، لهذا لا يستبعد عبد الباري ان تكون المنظمة هي التي قامت بتصفيته، وذلك حسب التهديدات التي كانت ترد، لكنه لا يستبعد شخصيا ان تكون إسرائيل قد دخلت علي الخط أو ربما العميل الذي صفاه كان مزدوجا، ثم ان صحيفة الديلي ميل المحت فيما بعد الي تورط إسرائيل، وبعدها قامت بريطانيا بابعاد 12 موظفا إسرائيليا من السفارة الإسرائيلية في لندن، والي الآن لا ادلة تدين احدا.
[] عطوان في القفصتغيرت حياة عبد الباري عطوان، ورغم أنه قرر عدم الزواج متأثرا بمسيرة شقيقه، الا انه وقع في المصيدة ودخل القفص الذهبي بعد فشل علاقة حبه التي كان يعيشها. لم يكن الزواج اصلا في اجندة حياتي، كان قراري ان اعيش عازبا، فأنا عاشق للحرية، خاصة ان الصحافة اعطتني مجالا كبيرا للسفر والتنقل في معظم الدول الأوروبية، كنت في شبابي مهموما بالتجوال، مسخرا كل طاقاتي كي اعيش الحياة كما هي، لكن فيما بعد وصلت الي مرحلة تعبت فيها من الحرية، خاصة ان حريتي كانت جدا متطرفة، وهكذا تزوجت من احدي قريباتي وذهبت من النقيض الي النقيض، لكني ندمت واكتشفت الفارق بين تعب الحرية وتعب الزواج، فيه شعرت انني فقدت عنصر المغامرة، وانا اليوم مش فاضي، ورغم أن المرأة جميلة لكنها متعبة وضرة للصحافة، وكأنها وظيفة بدوام كامل، وهذا لا يمنعني من القول ان الرجل اناني يريد كل شيء علي هواه، كما يريد من المرأة ان تكون زوجة من زمن الثلاثينيات، تجلس في البيت ولا تسأله عن اي امر يتعلق بحياته واصدقائه ومعارفه، الرجل يريد امرأة بلا ماض ولا حاضر ولا مستقبل، وهذا ظلم كبير لها. انجب عطوان ثلاثة اولاد، خالد عمره عشرون عاما وندي 17 عاما وكريم اربع سنوات، وهو نادم وشعر بتأنيب ضميره لانه لم يعش كثيرا مع خالد وندي كثيرا، ولم يستمتع بطفولتهما، ولم يرهما يكبران، حيث كانت جريدة القدس العربي في بداياتها، اما علاقته بابنته فهي حميمية جدا يعاملها وكأنها ابنة السنوات الثلاث، متأسفا ومتعاطفا معها لانها اخذت شكله ولون عينيه، بعكس شقيقيها الذين ورثا شكل امهما. لو عادت بي السنوات الي الوراء لاخترت ذات الطريق، لكن لا اتزوج، وان شاء الله زوجتي ما تقرأ الموضوع، اختار ما اخترته، وأقع في ذات الاخطاء خاصة انني تعلمت كثيرا من اخطائي، فالصحافة انصفتني رغم الهجوم الذي اتعرض له فهو امر طبيعي وهو نابع من مغرضين أو من موجهين، ولو كنت إنسانا نكرة وغير فاعل لما هاجمني أحد، فبقدر حجم الهجوم يكون حجم التأثير، لكن ارفض الدفاع عن الذات، ودائما اسير حسب الآية القرآنية واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما فليقل اي كان ما يشاء، انا اعرف نفسي، ومحبة الناس لي، ويكفيني حين اذهب الي مدينة مثل طنجة يحضر من الاشخاص ما يقارب اربعة آلاف شخص، وعندما اذهب الي تونس يغلق شارع الحبيب بورقيبة بسبب الناس الأمر الذي ابكاني ونزلت دمعتي امام الملأ فكتبت جريدة الشروق التونسية وبكي عبد الباري عطوان كما يسعدني ان اكون في مخيم الوحدات امام حوالي عشرة آلاف شخص فأغلق المخيم، اليس في هذا معني، كل ذلك يمنحني الثقة ويمنعني من الرد.
[] تهديداتقبل الحرب علي العراق وصلته رسالة لم يخف منها، وما زال محتفظا بها، معتقدا ان مصدرها أمريكي جاء فيها: انت تحرض الناس ضدنا كأمريكان، وانت ناجح وتأثيرك قوي، وتستغل الفضائيات في التحريض، ونحن نحذرك، ان استمررت سنمنعك من الظهور عبر الفضائيات واذا تمادت جريدتك، سنغلق القدس العربي وانت تتكلم عن عيوب الناس، لكنك نسيت عيوبك، وحتي ان لم يكن عندك عيوب سنخلقها لك، وامامك ارواح، وعليك ان تتحدث عن القضية الفلسطينية بما يؤدي الي دعم عملية السلام، وارجو ان تفهم هذه الرسالة جيدا، واليوم اجد تطبيقا للرسالة فكل الفضائيات العربية الآن قاطعتني عدا الجزيرة التي تستضيفني بين حين وآخر لرفع العتب وقناة الحوار الفضائية، ثم انني تلقيت الكثير من التهديدات من دول عربية، ومنظمات عنصرية أوروبية متطرفة، مثل كلو كلوكس كلان التي قتلت مايكل اكس ومارتن لوثر كينغ، كما اوصلوا لي رسالة الي البيت وكتبوا فيها نعرف كيف نصل اليك، لكنها لم تؤثر في، وحين يقول لي البعض انهم خائفون علي اجيبهم بأنني لست بأحسن من الذين استشهدوا علي الاقل انا عشت عمري، في حين ان هناك من قتل واستشهد في اعمار مبكرة، ولانني ما زلت قادرا علي العطاء فقد بدأت بتأليف كتاب عن القاعدة واسامة بن لادن لصالح شركة نشر بريطانية كبري، ربما افكر لاحقا بترجمته الي العربية. انتهي اللقاء مع عبد الباري عطوان وقد فاتته الطائرة المتجهة الي لندن، لكنه في حديثه حكي عن قصص لم يقلها لاحد لانه اراد كتابتها، وحسب قوله فقد استدرجته، متمنيا الا تقرأ زوجته اللقاء في المجلة كي لا يقع في مشاكل، هذا هو عطوان الذي يعترف ان ما حققه لم يحلم بأكثر من 10% منه، لكن نجاحه هذا هو بذرة مخيم دير البلح.
[] عبدالباري عطوان يروي قصته مع أسامة بن لادنجريدة القدس العربي مدينة في استمرارها لـ بن لادن وصدام حسين الأفغان العرب يعيشون في كهوف على ارتفاع 3 آلاف متر كهف بن لادن طوله 6 أمتار وعرضه 4 أمتار ويضم 5 أسرَّة خشبية عشاء بن لادن عبارة عن «بطاطس» مقلية وجبن مالح مبارك عمر سعيد : حوار المثقفين والإعلاميين الذين يضمهم أسبوعياً مجلس الإعلامي المعروف الأستاذ سعد محمد الرميحي كان في الأسبوع الماضي متميزاً وامتد لحوالي ثلاث ساعات متصلة حيث استضاف الصالون شخصية إعلامية مثيرة للجدل، مشهورة بكتابتها ولقاءاتها التليفزيونية والإذاعية وتتميز دائماً بإثارة مسائل خلافية، فيتعاطف مع آرائه الصريحة كثيرون، ويعارضها كثيرون وقد وصفه الإعلامي القطري الكبير سعد الرميحي بأنه نجم الفضائيات، وأنه صوت لمواقف الجماهير العربية الوطنية حيث سخر جريدة القدس العربي الصادرة في لندن لتكون المعبر عن تلك المواقف، وجعل مقالته معبرة عن مشاعر الأغلبية الصامتة وقد استطاع أن يجعل جريدته تصمد أمام تحديات كثيرة وتستمر في الصدور منذ العام 1989م وهو انجاز يحسب لإدارته الصحفية بالرغم من منع توزيعها في بعض الدول العربية، ووصفه بأنه أحد أكبر المثقفين الإعلاميين والسياسيين المعاصرين إنه عبدالباري عطوان الصحفي العروبي المولود في مخيم اللاجئين بمدينة دير البلح بقطاع غزة في فلسطين في العام 1950م وبدأ عبدالباري عطوان حديثه مجيبا عن سؤال حول قصة تأسيس جريدة القدس العربي وواقعها الحالي ومسيرتها المستقبلية. فقال: بعد تجربة صحفية طويلة تواصلت لأكثر من ثلاثين عاماً تنقلت خلالها في دول عربية عديدة منها مصر والأردن والسعودية وبعد أن استقر بي المقام في لندن حيث عملت في جريدة الشرق الأوسط وجدت نفسي في العام 1988م وفي يوم ربيعي من سبتمبر قدمت استقالتي من تلك الجريدة فقد كنت أنا الذي يقدم على مثل هذه الخطوة إذ لم أقل من أي صحيفة عملت فيها، في ذلك اليوم توجهت لشراء سيارة لعب صغيرة لابني الصغير خالد الذي كان يحب اللعب بالسيارات وبعدها كتبت خطاباً إلى رئيس التحرير أعلن فيه الاستقالة ورغم أنني كنت أعول أسرة مكونة من زوجتي وبنتي وولدي وأدفع لبيت اشتريته بالتقسيط فإن هناك من اعتبر إقدامي على الاستقالة ضرباً من الجنون لكن حقيقة شعرت بأن ذلك اليوم أسعد يوم في حياتي، وبدأت التفكير في تنفيذ مشروع إصدار مجلة أسبوعية حيث رأيت أنه من الصعوبة بمكان إصدار جريدة يومية في ظل وجود إمبراطوريتين صحفيتين هما جريدتا الشرق الأوسط والحياة، وتساءلت أين أذهب وسط ناطحات السحاب؟! وكيف لي أن أغرد خارج السرب؟ وآن لقطاري أن يسير خارج القضبان العربية فكرت بداية في إصدار صحيفة تعنى بالثقافة العربية وتهتم بالإبداع وخاصة في مجال الشعر معلنا منع الشعر العمودي، معتقداً أن شعراءه محافظون وتقليديون وغير ثوريين كغيرهم من شعراء الشعر الحر، وصدرت القدس العربي لتواجه صعوبات مالية في الطباعة والتوزيع رغم حرصنا على الاقتصاد والتقتير على المصاريف حيث اضطرتنا الظروف إلى تأجير شركة صغيرة في حي شعبي ووصل الحد أننا لم نعد نستطيع دفع فواتير الطباعة وكدنا نغلق الجريدة لولا أن رجلين غيرا مسيرة التاريخ وتدين لهما جريدة القدس العربي بالفضل في استمرارها وهما الرئيس العراقي السابق صدام حسين والشيخ أسامة بن لادن فالأول أمر قواته بدخول الكويت في 2/8/1990م والحقيقة أن الأمر فاجأ العالم ولم أكن أبدا مع ما حدث بل كانت تربطني بدولة الكويت علاقات وصلات وثيقة يكفي أن زوجتي «أم خالد» كانت تعيش في الكويت وتسارعت الأحداث وحشدت الولايات المتحدة الأمريكية 500.000 جندي ضد العراق، حينها كان علينا أن نختار فإذا كنا نحب الكويت فإننا نحب العراق أيضاً ونحن ضد التدخل فأعلنا موقفنا صراحة وكتابة وانعكس ذلك على أرقام توزيع الجريدة وأذكر أنني كنت أتفقد الأماكن والمكتبات التي تتولى توزيع القدس العربي والشرق الأوسط والحياة حيث كانت النسخ المباعة لجريدتنا قبل أحداث الكويت لا تقارن بتلك المتعلقة بالجريدتين الأخرىين ولكن بعد ذلك التاريخ قفزت قفرة كبيرة لم نكن نتوقعها رغم أن القدس العربي لم تكن تدخل العراق. أما فضل الشيخ أسامة بن لادن فقد وضح حين نشرت لقائي الصحفي معه الذي استمر ثلاثة أيام في كهف من جبال تورابورا في العام 1997م حيث ارتفعت أرقام التوزيع إلى درجة نفاد كل مطبوع بعد خمس دقائق من عرض الجريدة للبيع. ويضيف عبدالباري: لقد تميزت القدس العربي بأنها كانت أسبق من قناة الجزيرة الفضائية في رفع وممارسة شعار «الرأي والرأي الآخر» ومع ذلك تمت محاصرتنا فلم تسمح لنا بعض الدول بالتوزيع داخلها ولم تشجع دول وشركات على الإعلان في الجريدة بل وصل الأمر إلى المطالبة بعدم نشر إعلانات تم الاتفاق عليها وعدم الاشتراك المباشر الذي يوفر 50% من القيمة التي كانت تدفع للموزع. مبادئ وهنا طرح الدكتور ربيعة صباح الكواري أستاذ الإعلام في دولة قطر سؤاله عن كمية المطبوع فأجاب رئيس تحرير القدس العربي بأنه يتراوح ما بين 85 ألفا و100 ألف ويعترف بأن أكثر من يهاجمون جريدته هم إخواننا الكويتيون، وقد مورس ضغط في مجال الإعلام بأن ينشر إعلان يخالف مواقف الجريدة المبدئية مثل إعلان ينص على أن «أسامة بن لادن إرهابي مطلوب» (Wanted) وعرض مبالغ باهظة لمن يدلي بمعلومات عنه وكذلك رفضت الإعلانات بهذا المعنى عن الرئيس العراقي صدام حسين، وهذا يؤكد أن القدس العربي جريدة وطنية لا ترتهن للفلوس ولا تبيع ولا تغير مبادئها فالكل يعرف أن أسامة بن لادن شيخ دين ملتزم بينما صدام حسين رئيس دولة علماني وعندما يتساوى رجلان يتصفان بصفتين متناقضتين ومتضادتين في المعاملة في جريدة وعند إدارتها فمعنى هذا أن الجريدة تقف في الوسط وفي الحياد وصراحة فإن القدس العربي منذ صدورها وحتى اليوم لم تتبن موقف المعارضة للنظم العربية بل لم ولن أسعى إلى قطع شعرة معاوية مع الدول إذ لم يكن الشأن الداخلي لها هو أول ما يشغلني. ويستطرد عبد الباري عطوان قائلاً إنه لم يكن حريصاً على تلبية الدعوة له لمقابلة الشيخ أسامة بن لادن في أفغانستان التي تعددت عبر أكثر من وسيط ومنهم خالد الفوال سفير بن لادن المعروف لدى الدوائر الرسمية في أوروبا فقد شعرت أحياناً بأنها لن تضيف إلى مسماي المهني «رئيس تحرير» أي رصيد جديد وترددت بل إني في المرة الأولى وبعد استخارة الله تعالى لم أذهب لكن في المرة الثانية ذهبت وإليكم قصة لقائي مع الشيخ أسامة كما كتبتها. في شهر نوفمبر عام 1997، اتيحت لي الفرصة لاجراء لقاء مع الشيخ أسامة بن لادن في أفغانستان. ترددت في البداية في قبول العرض لأن أفغانستان في ذلك الوقت كانت تشهد حرباً اهلية طاحنة. ولكني عدت وقبلت وجرى ابلاغي بان الرحلة ستكون عن طريق نيودلهي، ومنها إلى جلال اباد. وبعد ان اجريت الترتيبات اللازمة جاء من يبلغني بأن الموقف خطير، وطالبان تزحف نحو جلال اباد وأحوال الاخوان في أفغانستان ليست على ما يرام ولابد من التأجيل. لم اغضب كثيراً أو احزن، فالشيخ أسامة بن لادن لم يكن على شهرته الحالية، رغم أنه كان متهما بترتيب هجوم على قاعدة أمريكية في الخبر بالمملكة العربية السعودية عن طريق شاحنة ملغومة، اسفر عن مقتل 19 جنديا أمريكيا. بعد اسبوعين جاء شخص من طرف بن لادن ليبلغني ان خط الرحلة سيكون عبر بيشاور هذه المرة. ما شجعني على قبول العرض ان الصحفي البريطاني الجريء روبرت فيسك سبقني إلى لقاء الشيخ أسامة بن لادن، الأمر الذي اصابني بالارتياح والطمأنينة، وشكل لي حصانة امام بعض الجهات العربية وغير العربية. كانت البداية في لندن، شخص ملتح يهمس في اذني بأن الظرف بات مهيأً للسفر إلى أفغانستان ولقاء الشيخ أسامة بن لادن زعيم العرب الأفغان، وأكثر شخص يخشاه الأمريكيون. الأمر يحتاج إلى تفكير عميق، فأفغانستان ليست آمنة، وحركة الطالبان نشطة، والبلاد في حالة من الفوضى المطلقة، ثم انني لست في بداية حياتي الصحفية، ابحث عن مجد مهني، أو ترقية من رئ