إنني مضطر أن أرفع قبعتي
ليديك البورجوازيتين...
المصنوعتين من الذهب الخالص
مضطر أن أعترف بنعومتهما القصوى وسلطتهما المطلقة على الماء والنبات
والحجر والبشر..
ومضطر أن أعترف بفضلهما
على حضارة الإغريق
وحضارة الفراعنة
وحضارة ما بين النهرين
ومضطر أن أعترف
بذكائهما حين تتكلـّمان
وبعمقهما حين تصمتان
وبحضارتهما...
حين تمسكان إبريق الفضّة
وتسكبان الشاي في فنجاني...
بداك أرستقراطيتان.. بالوراثة
كما الزرافة ممشوقة بالوراثة
وكما البلبل موسيقيّ بالوراثة
وكما الكلمة متمردة.. بالوراثة
يا ذات اليدين اللتين تربتّا في العز والدلال
علميني ماذا أقول لحرسك؟
حتى يسمحوا لي بالدخول إلى قاعة العرش
لأقدم ولائي لأصابعك الخرافية التكوين
وأتلو صلواتي أمام أغلى شمعدانين من الفضة
يداك مثقفتان كثيراً..
وأستاذتان في علم الجمال
وأنا أقرأ.. وأكتب.. على ضوء يديك
وأذاكر جميع دروسي
وأدخل جميع امتحاناتي
وأنال جميع شهاداتي
برعايتهما، وحنانهما، ودعواتهما الصالحات
فيا ذات اليدين اللتين أدين لهما بكل ما أعرف
لا تخبري أحداً...
أنّ يديك هما مصدر ثقافتي..
زرت متاحف الدنيا
من اللوفر إلى البرادو
ورأيت أروع الأعمال التشكيلية
وأقدم المنحوتات، والأيقونات
ولكنني لم أشاهد منحونة ً
بهرتني أكثر من يديك...
بداك مخطوطتان عربيّتان نادرتان
وكتابان.. ليس لهما نسخة ثانية
فلا تسحبي يدك من يدي
حتى لا أعود أميّاً...
يداك سحابتان ربيعيتان
لولاهما..
لمات العالم عطشاً ...شعر : نزار قباني