استعمال العسل في علاج الجروح
لقداثبتت التجارب والحالات المتعددة إلا أن العسل يسرع في شفاء الجروح وينشط
نمو الخلايا والأنسجة . فإنه بالرغم من التقدم في الجراحة العقيمة واكتشاف
المطهرات لمختلف الحالات فلا تزال الجروح المتقيحة تشكل معضلة . وقد تبين من
خلال التجربة العملية أن استخدام العسل في تضميد الجروح يعد من أفضل الضمادات .
وقد ذكر الدكتور محمد الحلوجي في ترجمته لكتاب " العلاج بعسل النحل " أنه منذ
2500 سنة استعمل أبقراط العسل بنجاح في علاج الجروح ، وكان الشيخ الرئيس أبن
سينا أن للعسل خاصية الإمتصاص ، وكان ينصح في استعماله في الجروح السطحية في
صورة لبخة مصنوعة من العسل والدقيق بدون ماء وقد أمكن للجراح الروسي " ي .
كرينتسكي " أن يحصل على نتائج ممتازة باستخدام العسل وزيت كبد الحوت في علاج
الجروح المتقيحة والميتة السطوح خلال 48 ساعة . وبعد مضي خمسة أيام إنتزعت
الأنسجة الميتة من الجروح ونمت الطبقة الجلدية بسرعة في 90% من الحالات ، حيث
يعتقد أن العسل إذا عولج به الجرح و " الجلوتلتيون " يلعب دورا هاما في عملية
الأكسدو والإختزال في الجسم ، وهو ينشط نمو الخلايا و إنقسامها وبهذه الطريقة
يسع في شفاء الجروح .
وتبعا للنتائج الباهرة التي أثبتها العسل فقد لجأ إليه العديد من الأطباء عوضا
عن كافة المطهرات ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الجراح العالمي " البرت
شوميتز " الحائز على شهادة نوبل سنة 1965 فقد عدل عن إستعمال كافة المطهرات
واعتمد على شاش مشبع بالعسل لوضعه على الجروح و كذلك الطبيب الأوكراني " أ .
بوادي " حيث استعمل العسل لعلاج الجروح البطيثة الإلتئام بالنسب التالية :
عسل نحل غرام . زيت كبد الحوت 20 غرام ، زيرفورم 3 غرامات . يسحق العسل
والزيرفورم في هاون ثم يضاف زيت كبد الحوت وتقلب الخلطة بقوة وقد كتب هذا
الطبيب النتائج التالية :
المصاب في الحرب " س " عمره 35 عاما عنده ندبة كبيرة في ظهر قدمه اليمنى ، وفي
وسط الندبة مساحتها 3×5 سم ، وقاعها عميق رمادي لامع ، وحروقها كثيفة ميتة .
وقد قال المريض : إن الجرح ظل على هذه الحالة مدة 3 أشهر ، وباستعمال مراهم
متعددة والعلاج بالأشعة وغيرها من الطرق لم يجد نفعا وبمضي 22 يوما على علاجه
بمرهم العسل شفيت القرحة تماما .
وكذلك فقد كتب العالم الروماني الشهير " بليني " أن دهن السمك إذا مزج بالعسل
كان علاجا ممتازا للجروح ، وكان ينصح باستعمال العسل للخراريج الموجودة في الفم
.
وكان الروس يستخدمةن العسل مخلوطا بالقار كمرهم لعلاج الجروح . وحديثا توصل
الدكتور " س . كيركوف " في معهد توسبك الطبي الى أن العسل يفيد في علاج الحروح
المتسببة عن الرصاص وقد توصل إلى أن العسل ينشط نمو الأنسجة في الجروح التي
تلتئم ببطء وقد أجريت في مصر دراسة مثيرة عن استخدام عسل النحل كمضمد للجروح في
حالة أمراض السكر وأثبت العسل نجاحا عظيما وقد جرب كذلك في تقرحات دوالي الساق
لبعض النساء وكذلك بعد إستئصال ثدي بسبب السرطان في باريس .
ويقارن دكتور " بولمان " بين العسل وغيره من المواد المستعملة في التضميد
الجراحي فيقول : " إن الضماد العادي الجاف يلتصق على سطح الجرح مما يؤدي إلى
الألم الشديد، وذلك يؤذي السطح المحبب ( Granulating ) المسبب عن الترمم عند كل
غيار للضماد ، وباستعمال الضمادات الرطبة يجعل الأنسجة مغمورة بالسوائل مما
يعيق ويؤخر الشفاء . بينما الضمادات والمراهم الزيتية على الرغم من خلوها من
السيئات السابقة فإنها تمنع تصريف الإفرازات الناجمة عن الجرح بشكل جيد مما
يؤدي إلى سيلانها إلى المناطق المجاورة من الجلد وبالتالي انتشار الإلتهاب بها
.
والضمادات المطهرة الحاوية على مواد كيماوية ذات قدرة فعالة تؤدي إلى تأثيرات
سامة على درجات متفاوتة وإن كان سطح الجرح واسعا فإن هذه التأثيرات السامة قد
تكون عامة .
وبما أن المواد الدارجة الاستعمال تتغير من حين لآخر فأني قد جربت خلال سنين
طويلة كثيرا منها . ولكن واحدة منها لم تعط تلك النتائج الحسنة المتوخاة .
وقد بدأت مع مساعدي بتطبيق ضمادات العسل ، واقتنعنا بفائدتها رغم أنن كنا في شك
كبير من ذلك .
إن تأثير العسل القاتل للجراثيم عند تطبيقه على التقرحات والسطوح الملتهبة أكيد
لا شك فبه ، وذلك بسبب فعله الماص للماء بصورة خاصة ، ويظهر فعله هذا بعد
تطبيقه بوقت قصير على السطح المتعري وذلك بسيلان اللمف الحر الحاصل وإن سرعة
نظافة المناطق الملتهبة ملحوظة غالبا ، كما أزيلت القشور والبثرات بصورة أسرع
مما عليه في الأحوال العادية عند استعمال الأدوية الأخرى .
ومن الصفات المميزة للعسل : طريقة امتصاصه ، فالضمد ( الشاش ) يبقى نديا ولا
يلتصق على سطح الجرح إلا بدرجة زهيدة إن حصل شيء من ذلك كما أن تناول العسل
يجعل المرء يعتقد أن لقيمة العسل الغذائية دورا كبيرا في ترميم الأنسجة وشفائها
.
فالعسل يحتوي على سكر العنب ( كليكوز ) وسكر الفواكه ( الفركتوز ) بالإضافة إلى
كميات لا بأس بها من المعادن بما فيها الحديد ، وكذلك الفيتامينات وخاصة
فيتامين (ب) وفيتامين (ج) إن هذه المواد ضرورية كلها لنمو الأنسجة وسرعة
التئامها .
ويختم دكتور ( بولمان ) مقاله حول تجربته مع العسل في علاج الجروح بقوله :
وأخيرا فإنه يبدو لي أنه من المعقول جدا أن أعتبر هذه المادة البسيطة أنجح علاج
لكثير من الجروح الملتهبة ، وحسناتها أنها غير مخرشة ، وغير سامة ومعقمة بذاتها
، وقاتلة للجراثيم ، ومغذية ، ورخيصة الثمن وسهلة المنال ، وسهلة التطبيق ،
وفوق كل ذلك فإنها دواء فعال .
فهل بعد هذه التحقيقات والتجارب من شك في قدرة العسل على شفاء الجروح وأنه
بالتأكيد له تأثير ممتاز على سير الإلتئام والترميم في كافة الجروح الجلدية
وعلى مكافحة كافة الأنتان . وهذا ما أكد عليه الدكتور محمد نزار الدقر في كتابه
( العسل فيه شفاء للناس ) وأنه من الضروري استعماله على نطاق واسع وكعلاج وحيد
وإدخاله في معظم المراهم التي تستخدم في علاج الإلتهابات الجلدية