خوف الطفل وعدم ثقته بنفسه ( الأسباب، الوقاية، العلاج
الخوف يتشكل عند الأطفال بعدة أشكال ـ الخوف من الظلام أو الخوف من الذهاب للمدرسة أو الخوف من الغرباء أو الخوف من الاختبارات ، فنرى الطفل يحجم عن الذهاب للمدرسة أو مقابلة قريب أو ارتياد الأمان العامة ويصحب هذا الخوف عدم ثقة الطفل بنفسه وتردده بين الإقدام والإحجام ، والغريب في الأمر أن بعض الأطفال تتحسن حالتهم عند الكبر والبعض الآخر يستمر معه هذا الخوف والارتباك والتوتر حتى عند الكبر وعندما يتزوجون ، والمشكلة أن الخوف وعدم الثقة في النفس يرافقها أمراض أخرى كالانطواء والانزواء والاكتئاب والقلق وتوقع الخطر ، وما ذلك إلا بسبب التربية الخاطئة التي تقوم على التسلط والقسوة أو الدلال الزائد والحماية الزائدة أو الإهمال والنقد المستمر على كل صغيرة وكبيرة والتهكم بالطفل والاستهزاء به وتعييره عند رفاقه ، بهذه المقدمة لابد لنا من توضيح أسباب عدم الثقة في النفس لدى الطفل ومخاوفه ، كما أنني سوف أتناول الوسائل والطرق الكفيلة بالقضاء على مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه 0
أسباب عدم الثقة في النفس لدى الطفل :
1-التذبذب في معاملة الطفل في الطفولة الأولى ، وأعني بذلك أن الطفل في سن سنة أوسنه ونصف عندما يبدأ المشي ويكون لديه الاستطاعة على أن يصل للأشياء ،يقوم والداه يزجره ويضربانه كلما لمس شيئا ما بعد أن كان الطفل يحظى بالاهتمام الزائد ، فهو تعود من والديه هذا الأمر فيضطرب سلوكه وتزعزع ثقته بنفسه لاختلاف معاملته 0
2-مقارنتة الطفل بغيره :من أسوأ ما يفعله بعض الآباء مقارنة طفلهم بغيره من الأطفال بغرض دفعه إلى التعلم وإيجاد الحافز عنده للجد والاجتهاد ولكن هذا العمل مع الأسف مع حسن نية الوالدين لايحقق الغرض المنشود بل يدفع بالطفل إلى العكس، مثل أن تقول الأم لطفلها ولد الجيران جاب ممتاز وأنت حصلت على جيد لماذا ؟ أو أخوك أحسن منك وهكذا 0
3-النقد الجارح والتوبيخ والزجر يحطم شخصية الطفل ويفقده الثقة بنفسه ويشعره بالنقص 0
4-الحماية الزائدة ، تخلق من الطفل شخصية اعتمادية غير قادرة على فعل أي شيء ، لأن الآباء لم يتركوا له فرصة للاعتماد على نفسه ، فوالدته توكله وتشربه وتلبسه مما لايدع له الفرصة لتكوين ثقته بنفسه لأنه لايشعر بقدرته على أداء مثل هذه الأفعال ، المشكلة ليست هذه المشكلة عندما يكبر الصبي ويتزوج ـ فتراه زوجته عاجز ا عن فعل أي شيء مما يكون سببا في حدوث المشاكل الزوجية المستقبلية ، وما أكثر الزواجات التي منيت بالفشل بسبب التنشئة الو الدية الخاطئة 0 0
5- التسلط : والمقصود بالتسلط تسلط الوالدين أو الوالد على الطفل وعد م إتاحة الفرصة له للتفكير والتعبير عن رأيه ، فعلى الطفل أن يطيع والديه الطاعة العمياء ، مما يجعله شخصية إذعانية مسلوبة الحقوق ، مما يتيح المجال لأصحاب السوء من استغلال الطفل في أمور مشينه لعجزه عن الدفاع عن نفسه ، يقول لي أحد الزملاء إني قابلت طفلا في الصف السادس ابتدائي قال لي المرشد عنه أن والده كان السبب في جعل هذا الطفل فريسة سهلة لفعل الفاحشة فيه فقلت له كيف ؟ قال : إن أحد زملائه في الفصل قبله وأشتكى على والده ولكن والده لم يعالج الأمر بشكل سليم ، فقام وضرب الطفل وقال له كيف تتركه يقبلك ؟ هذا الموقف جعل الطفل الفاعل يشعر بأنه أفلت من العقاب ، ثم أنه استدرج الطفل وفعل به الفاحشة ولم يعارض الطفل لأنه قال في نفسه ، ما الفائدة من الشكوى لوالدي إنني لوقلت له ماحصل سوف يقتلني ( وهكذا تصرفات بعض الآباء لاتحل المشكلة بل تعقدها أكثر وأكثر 0
6-اضطراب الأسرة والمشاجرات الو الدية تزعزع ثقة الطفل في نفسه ، كما أن غضب الأب وغضب الأم يدفعان الطفل إلى عدم الثقة بالنفس 0
7-التأخر الدراسي، نقص الذكاء ـ الإعاقات الجسمية كساح (قزم) سمنة زائدة نحافة زائدة فقر ـ تشوهات خلقية وعدم الوسامة كلها عوامل تزعزع ثقة الطفل والمراهق في نفسه 0
8-الجو العائلي وأسلوب التربية الوالدية عنصر مهم في زرع الثقة في نفس الطفل والمراهق ، فإذا نشأ الطفل في جو عائلي يسوده الحب والتعاطف والمودة كان ذلك أقوي العوامل التي تزرع الثقة في نفوس الأطفال وقد رسم لنا القرآن الكريم خطة جميلة لزرع الثقة في نفوس أطفالنا بقوله : ( وخلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم وبينهم مودة ورحمة ) هذه المودة والرحمة بين الزوجين والتآلف بينهما وخلو الحياة الزوجية من القلاقل والفتن المدمرة هذه الأمور هي التي تصنع ثقة الأطفال والأبناء والبنات بأنفسهم 0
9- نشأة الأطفال في أسر متوترة قلقه يسود أفرادها عدم الثقة بأنفسهم فتنتقل هذه العدوى إلى الأطفال والمراهقين فإذا كانت بعض الأمراض العضوية تنتقل إلى الأفراد عن طريق العدوى فكذلك بعض الأمراض النفسية تنتقل إلى الإفراد عن طريق العدوى فالأم القلقة تنقل لأطفالها القلق والتوتر والأم العصبية تنقل لأطفالها العصبية والأب الكذوب ينقل لأطفاله الكذب أما إذا كان عديم الثقة بنفسه فإنه ينقل لأطفاله عدم الثقة في النفس وهلم جرا 0
10- تخويف الطفل بأمور تزرع في نفسالطفل الخوف والجبن كأن تقول الأم لطفلها جاك الجني أو جتك أم السعف والليف أو المقرصة الحامية أو جاك الشرطي أو الحرامي وغير ذلك 0
الوقاية والعلاج:-
سئل نابليون ، كيف تزرع الثقة في نفوس جنودك ؟ قال بثلاث : هن ؛ إذا قال أحدهم لاأعرف قلت له تعلم وإذا قال مستحيل قلت له حاول وإذا قال لاأقدر قلت له جرب ، واضح من ذكر أسباب عدم الثقة في النفس أن العلاج دائما يكمن في القضاء على الأسباب فإذا وضح السبب بطل العجب كما يقولون ، ولكن نحن نقول إن أسباب عدم الثقة في النفس تعود إلى التربية الخاطئة ، وهذا إنسان كبير قد تربى تربية خاطئة فما العمل معه ، وكيف نزرع ثقته بنفسه ، أنا في إعتقادي أن الشخص إذا كان يملك العزم الصادق للتغلب على مشكلة الخوف والتردد وعدم الثقةفي النفس فإنه سوف يتحقق له النجاح –بإذن الله – كما أنه يجب مراعاة القواعد التالية :
1- علاقة الزوج بزوجته يجب أن يسودها الهدوء والتفاهم ، فكلما كانت هذه العلاقة حميمة ، كلما أحس الطفل بالأمان والاستقرار النفسي وكلما كثرت المشاجرات والمنازعات الو الدية كلما تزعزعت ثقة الطفل بنفسه ، لذا يجب أن يحاط الطفل بالحنان والدفء العاطفي والحزم ولكن بدرجة معقولة ،فالعلاقة الحميمة بين الأبوين هي أساس زرع الثقة في نفس الصغير 0
2- إذا كان الطفل يخاف من النوم وحده أو أن ينام والغرفة مظلمة فعلى الأم أن تجلس بجوار الطفل وتقص عليه بعض القصص والحكايات بشرط ألا تكون هذه القصص مخيفة ومفزعة ، حتى ينام ، مع ترك مصباح الغرفة مضاء طوال الليل 0
3- يجب إبعاد الطفل عن مشاهدة الأفلام المخيفة والمرعبة لأن الطفل في سن لايستطيع معه التفريق بين الحقيقة والخيال ، فإذا شاهد شيئا من ذلك فإنه سيخزنه في عقله الباطن وسيظهر في صورة أحلام مفزعة وكوابيس أثناء النوم ، مع أن الوالدين عليهما واجب توضيح ذلك لطفلهنا بأن هذه الأمور المرعبة التي شاهدها ماهي إلا صور غير حقيقية لتطمئن نفسه ويزول عنه الخوف 0
4- يجب على الأبوين تربية روح الاستقلالية لدى الطفل وعد م قيامهما نيابة عنه بما يجب هو أن يفعله ولا يقارناه بغيره وعد م السخرية منه أو تهزئنه 0
5- الاضطراب العائلي يزعزع الثقة في النفس لذا يجب توفير بيئة هادئة متسامحة تشبع حاجاته النفسية الضرورية التي ينتج عن عدم إشباعها فقدان الثقة بالنفس 0
6- يجب على الأبوين مسك النفس وعدم المبالغة في الخوف والقلق لئلا تنتقل هذه الصفات السلبية إلى الطفل عن طريق المحاكاة والتقمص والمشاركة الوجدانية / لأن الطفل يتعلم من والدية الخير والشر الصفات الإيجابية والصفات السلبية 0
7- استخدام أسلوب التحصين التدريجي لإزالة الخوف من نفسية الطفل وهذا الأسلوب هو أحد أساليب المدرسة السلوكية في علاج الخوف مثال على ذلك طفل في العاشرة يخاف من القطط ، فيعمل المعالج أولا على عمل جلسة استرخاء للطفل ، ثم بعد ذلك يحضر صورة جميلة لقطة ويطلعه عليها ، بعد ذلك يسمعه صوت القطة × بعد ذلك يحضر قطة صغيرة جميلة ويجعلها تمشي حول الباب ، ثم يحضر قطة كبيرة ويقرن ذلك بإعطاء الطفل شيئا محببا إليه مثل الشوكولاته ، ثم يحضر قطة كبيرة يمسك المعالج بها ويمسح عليها أمام الطفل ويقول له انظر إليها إنها جميلة وأليفه لاتؤذي أحدا ويطلب من الطفل أن يلمسها ، وهكذا يزول الخوف من نفسية الطفل باستخدام هذا الأسلوب المتدرج 0
8- يجب إبعاد الطفل عن مثيرات الخوف مثل اصطحابه إلى المقابر والمآتم وحمايته من الخرافات كقصص الجان والعفاريت ويوضح له بأن مثل هذه الحكايات من صنع الخيال لايؤمن بها إلا الجهلاء من الناس 0
9- - يجب ألانسرف في حث الطفل على التدين بتخويفه من النار، حيث أنه لايستوعب ذلك 0
10- هناك طريقة أخرى للخلاص من الخوف تختلف إلى- حدما -عن طريقة التحصين التدريجي وتسمى هذه الطريقة بقاعدة الاشتراط وتطبق هذه القاعدة تطبيقا عكسيا : كالآتي :
طفلة في السابعة تخاف من الأرانب ـ وكل شيء له شعر أو فراء ، وعند تطبيق هذه الطريقة يحضر أرنب ( مثير طبيعي ) وطعام لذيذ مثل (السر يل) وتعطى الطفلة الأكل لتمتع به ، ويحرص المعالج على أن يبقى المثير الطبيعي بعيدا عن الطفلة ، ويركز اهتمامه على المثير الشرطي ( الطعام اللذيذ) فهناك مثيران طبيعي مؤلم وهو الأرنب وصناعي (شرطي وهو الطعام اللذيذ وقد لجأ لهذا الأسلوب العالم السلوكي Jonesإذ كان يحتاط دائما على أن يكون المثير الطبيعي بعيدا عن الطفلة ، حتى بدأ مع مرور الأيام بالتدرج في تقريب الأرنب شيئا فشيئا أثناء ما الطفلة تتناول الطعام اللذيذ ، وأخيرا صارت الطفلة تلعب مع الأرنب وزال الخوف بتاتا عنها، ولم يكن ذلك قاصرا على الأرنب فحسب بل تعداه إلى الفأر والجرذ وبقية الحيوانات ذات الفراء 0
11- تطبيق الإرشاد العقلاني :لاسيما على المراهقين وأعني بالإرشاد العقلاني مهاجمة الأفكار غير العقلانية ، فكون الشخص يخاف من أشياء لاتثير الخوف عند بقية الناس ، معنى ذلك أنه يخضع لفكرة لامنطقية ولا عقلانية فمهمة المعالج النفسي مهاجمة هذه الفكرة وتصحيحها والربط بينها وبين ما يعايشه الفرد من شقاء وتعاسه وأن أفكاره الخاطئة هي السبب فيما هو فيه من هم وحزن وألم وشقاء، إذ أن أصحاب هذه النظرية ومنهم ألبرت إلس يرون أن أصل مشاكل الإنسان تنبع من هذه الأفكار الخاطئة التي يعتنقها فتولد لديه الخوف والتوتر والقلق وأن على المعالج إزالة هذه المخاوف ليعود الإنسان إلى وضعه الطبيعي 0، وتعود له الثقة بنفسه وبقدرته في التغلب على ما يواجهه من مخاوف لامبرر لها ، هذا والله أعلم 0