الحمد لله الذي أحسن تدبير الكائنات وخلق الأرضين والسموات وأنزل الماء من المعصرات وأنشأ الحب والنبات وقدر الأرزاق و الأقوات وأثاب علي الأعمال الصالحات
والسلا م علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ذي المعجزات الظاهرات الذي حصل من نوره وجود الكائنات
أما بعد
جاء في الخبر عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال "ان الله تعالي خلق ملكا له جناح في المشرق وجناح في المغرب ورأسه تحت العرش ورجلاه تحت الأرض السابعة وعليه بعدد خلق الله تعالي ريش فاذا صلي رجل أو امرأة من أمتي علي أمره الله تعالي بأن ينغمس في بحر من نور تحت العرش فينغمس فيه ثم يخرج وينفض جناحه فيقطر من كل ريشة قطرة فيخلق الله تعالي من كل قطرة ملكا يستغفر له يوم القيامة "
قال بعض الحكماء "سلامة الجسد في قلة الطعام وسلامة الروح في قلة الأثام وسلامة الدين في الصلاة علي خير الأنام " وقوله تعالي ."يأيها الذين امنوا اتقوا الله ". يعني اخشوا الله وأطيعوه " ولتنظر نفس ما قدمت لغد "
يعني ما عملت ليوم القيامة ومعناه تصدقوا واعملوا با الطاعة لتجدوا ثوابها يوم القيامة
"واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون "
من الخير والشر فان الملائكة والسماء والأرض والليل والنهار ويوم القيامة يشهدون بما عمل ابن أدم من خير أو شر .طاعة أو معصية حتي أن جوارحه تشهد عليه
والأرض تشهد للمؤمن والزاهد فتقول "صلي علي وصام وحج وجاهد فيفرح الزاهد
و تشهد علي الكافر والعاصي فتقول " أشرك علي وزنا وشرب الخمر وأكل الحرام " فيا ويله ان ناقشه في الحساب أرحم الراحمين والمؤمن هو الذي يخاف الله تعالي بجميع جوارحه
كما قال أبو الليث "علامة خوف الله تعالي تظهر في سبعة أشياء "
1= لسانه .فيمنعه من الكذب والغيبة والنميمة والبهتان وكلام الفضول ويجعله مشغولا بذكر الله وتلاوة القرءان
2=قلبه. فيخرج منه العداوة وحسد الاخوان لأن الحسد يمحوا الحسنات كما قال صلي الله عليه وسلم "ان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب " واعلم ان الحسد من الامراض العظيمة التي في القلب وعلاج القلوب با العلم والعمل .
3=نظره . فلا ينظر الي الحرام من الأكل والشرب والكسوة وغيرها ولا الي الدنيا با الرغبة . بل يكون نظره علي وجه الاعتبار ولا ينظر الي ما لا يحل له . كما قال صلي الله عليه وسلم " من ملأ عينه من الحرام ملأ الله يوم القيامة عينه من النار "
4=بطنه. فلا يدخل بطنه حراما فانهاثم كبير كما قال صلي الله عليه وسلم " اذا وقعت لقمة من في بطن ابن أدم لعنه كل ملك في الأرض والسماء ما دامت تلك اللقمة في بطنه وان مات علي تلك الحال فمأواه جهنم "
5= يده. فلا يمد يده الي الحرام بل يمدها الي مافيه طاعة الله تعالي. وروي عن كعب الأحبار أنه قال " ان الله تعالي خلق دار ا من زبرجدة خضراء فيها سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت لا ينزلها الا رجل يعرض عليه الحرام فيتركه من مخافة الله تعالي
6=قدمه . فلا يمشي في معصية الله بل يمشي في طاعته ورضاه والي صحبة العلماء والصلحاء
7=طاعته. فيجعل طاعته خالصة لوجه الله تعالي ويخاف من الرياء والنفاق فاذا فعل ذالك فهو من الذين قال الله تعالي في حقهم "والأخرة عند ربك للمتقين " وقال في أية أخري " ان المتقين في جنات وعيون " وقال الله تعالي " ان المتقين في جنات ونعيم " وقال تعالي " ان المتقين في مقام أمين " كأنه تعالي يقول :انهم ينجون يوم القيامة من النار .وينبغي للمؤمن أن يكون بين الخوف والرجاء فيرجو رحمة الله ولا ييأس منها كما قال الله تعالي " لا تقنطوا من رحمة الله " ويعبد الله ويرجع عن أفعاله القبيحة ويتوب الي الله تعالي
حكاية : بينما داود عليه السلام جالس في صومعته يتلو "الزبور " اذا رأى دودة حمراء في التراب فقال في نفسه " ما أراد الله في هذه الدودة " فأذن الله للدودة فقالت " يا نبي الله أما نهاري فألهمني ربي أن أقول في كل يوم سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبرألف مرة . وأما في ليلي فألهمني ربي أن أقول في كل ليلة اللهم صل علي محمد النبي الأمي وعلي أله وصحبه وسلم ألف مرة . فأنت ما تقول حتي أستفيد منك ؟ " فندم داود عليه السلام علي احتقار الدودة وخاف من الله تعالي وتاب اليه وتوكل عليه
وكان ابراهيم الخليل صلوات الله عليه اذا ذكر خطيئته يغشي عليه ويسمع اضطراب قلبه ميلا في ميل .فأرسل الله تعالي جبريل عليه السلام فاتاه فقال له " الجبار يقرئك السلام ويقول لك : هل رأيت خليلا يخاف خليله ؟ فقال ك" يا جبريل اذا ذكرت خطيئتي وفكرت في عقوبته نسيت خلتي "
فهذه أحوال الأنبياء والصالحين والزاهدين فتأمل رحمك الله يا بن أدم
أخواني الاعضاء كل منا يتأمل في نفسه ويحاسب نفسه نسأل الله العافية في الدنيا وفي الاخرة اللهم انك عفو تحب العفو فا عفو عنا يا ارحم الراجمين
لا تنسونا من دعائكم الصالح